سجّل المرصد المغربي للسجون، أن الأوضاع العامة بالسجون، رغم بعض الضمانات القانونية والجهود الرسمية والإجراءات المتخذة، "لا زالت تعرف نواقص واختلالات جمة، ولم ترق بعد التلائم مع المعايير الدولية المتعلقة بالسجون، وإلى تطلعات الحركة الحقوقية المغربية". وقدّم المرصد المغربي للسجون، خلال عرضه التقرير السنوي حول وضعية المؤسسات السجنية والسجينات والسجناء بالمغرب، اليوم بالرباط، جملة من التوصيات لتحسين أوضاع السجناء، والتي تتعلّق أساساً بالدعوة إلى العمل على الملائمة الشاملة لمنظومة القوانين ذات الصلة بالشأن السجني بالمعايير الدولية وإصلاح المنظومة القانونية الجنائية ذات العلاقة بالسياسة العقابية.
ودعا المرصد إلى ضرورة التسريع بإخراج تعديلات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية إلى الوجود مع تبني إصلاحات وتعديلات تتلائم مع المرجعيات الدولية ذات الصلة بحقوق السجينات والسجناء، وذلك "بما يكرس الحق في المحاكمة العادلة، وضمان الحق في الحياة وكافة الحقوق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". كما طالب المرصد بإعمال وتنفيذ التوصيات الصادرة عن اللجن التعاهدية ذات الصلة بحقوق السجينات والسجناء، والتسريع بإخراج تعديلات القانون المنظم للمؤسسة السجنية رقم 23 /98 إلى الوجود، مجدّداً الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام من التشريعات الوطنية والمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما طالب المرصد بتفعيل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب للقيام بمهامها في الرصد والتتبع لأماكن الاحتجاز، وإشراك المنظمات الحقوقية المهتمة بالشأن السجني ببلادنا خلال زيارة الآلية الوطنية المستقلة لمراقبة أماكن الاحتجاز والمؤسسات السجنية ومراكز الاعتقال وتجسيد المقاربة التشاركية في تدبير قطاع السجون بن المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني. ومن ضمن اقتراحات المرصد الأخرى، الدعوة إعادة النظر في السياسات والنظم العقابية وبرامج الإصلاح والتأهيل، وذلك من خلال استحداث قانون إصلاح وتأهيل عصري، وحديث يلبي متطلبات مراكز الإصلاح والتأهيل، ويتلاءم مع القوانين والمواثيق الدولية، وإصلاح المنظومة القانونية الجنائية من أجل، الحد من ظاهرة الاعتقال الاحتياطي وعقلنة تطبيقها وتخفيض مدته، مع تفعيل نظام الرقابة القضائية عوض الاعتقال الاحتياطي، والعمل على إلغاء العقوبة السجنية في عدد من الجنح وتفعيل دور الصلح.
كما شدّد تقرير المرصد على ضرورة إقرار العقوبات البديلة غير السالبة للحرية وتضمينها في القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، والتعامل بجدية وإيجابية مع مطالب السجينات والسجناء المعقولة والتي تتخذ أحيانا شكل إضرابات من الطعام، وتتعلّق أغلبها بالوضعية داخل السجون، مؤكّداً على على أن المساعدة القانونية حق من حقوق الإنسان وهي واجب على الدولة اتجاه السجين ومدخل رئيسي ضمان الحق في المحاكمة العادلة. ودعا التقرير إلى ضمان وتعزيز الحقوق الأساسية للسجناء بما في ذلك حقهم التكوين والتعليم والتواصل والإدماج؛ تعزيز الحماية الجسدية والصحية للسجناء وتوسيع مجال تواصلهم مع أسرهم وخاصة النساء: السجناء الأجانب السجناء الأحداث، وذوي الإعاقة، وإلى الحلحلة الفورية لمعضلة السجناء ذوي الأمراض النفسية والعقلية، محمّلاً "السلطات القضائية ووزارة الصحة كامل المسؤولية في استمرار معاناة هذه الفئة السجنية ومصادرة حقوقها وأهمها الحق في العاج النفسي والعقلي". وفي الوقت الذي أكّد المرصد المغربي للسجون، على أهمية الشراكة التي تربطه بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، طالب بالرفع من الميزانية المخصصة للمندوبية العامة للسجون حتى تتمكن من توفير شروط حياة كريمة للنزلاء والنزيلات وفق ما هو منصوص عليه في المعايير الدولية والقوانين الوطنية؟ إلى جانب تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للموظفين كضرورة أساسية تمكنهم من الاضطلاع بمهامهم التأطيرية والتربوية على أحسن وجه وتأهيل الموظفين والموظفات بالمؤسسات المعنية والرفع من قدراتهم (هن) لمسايرة مختلف المستجدات القانونية والتواصلية، وتوفير كل الضمانات التي ترفع من معنوياتهم أمام المهام المتعددة والخطيرة التي يشتغلون. كما يوصي المرصد المغربي للسجون، المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بضرورة العمل على تنفيذ وإعمال التوصيات الصادرة عن مؤسسات الوساطة، وخاصة تلك الصادرة المجلس الأعلى للحسابات.