تعاني جهة كلميم وادنون منذ السنوات الأخيرة من إشكالية ندرة المياه نتيجة قلة التساقطات المطرية، وهذا الأمر بات يؤرق ساكنة الجهة خاصة في ظل الطلب المتزايد على الماء، مما يتطلب تضافر جهود الجميع لمواجهة هذه التحديات وإيجاد حلول لمواجهتها. في حوار خص به القناة الإخبارية (24 M) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، يبسط مدير وكالة الحوض المائي لدرعة وادنون، عبدالعاطي قيمي ، عوامل الضغط على الموارد المائية بجهة كلميم وادنون، وتدخلات الوكالة لمواجهة هذا الضغط، ومختلف المشاريع المنجزة والمبرمجة في هذا الشأن حفاظا على الموارد المائية بالجهة. 1- ما هي أهم عوامل الضغط على الموارد المائية بجهة كلميم وادنون ؟ إن جهة كلميم واد نون، بحكم موقعها الجغرافي، تتواجد بمنطقة مناخها جاف يتميز بندرة التساقطات المطرية وعدم انتظامها لا في الزمان ولا المكان، بل إن السنوات الأخيرة تميزت بالجفاف، وشهدت تساقطات أقل من المعدل السنوي، بالإضافة الى التزايد المضطرد لاحتياجات الساكنة للمياه سواء من حيث الماء الشروب أو تطوير الزراعة وسقي الأراضي الفلاحية، وهذا أدى الى ضغط كبير على الموارد المائية، خاصة المياه الجوفية، مما تسبب في تراجع مستوى الفرشات المائية وضعف إنتاجية جل الآبار المتواجدة بالحوض المائي بتراب نفوذ الوكالة. ولذلك، وأمام هذا الوضع، تعمل الوكالة في إطار اختصاصاتها، على إيجاد السبل الناجعة لتحقيق تدبير مندمج وفعال للموارد المائية بالتعاون مع جميع شركائها المتدخلين في قطاع الماء (وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنموية القوية والمياه والغابات، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب )، وجمعيات مستعملي الماء، والفلاحين، والغرف المهنية، والسلطات المحلية. إن دبير الموارد المائية وتعزيز المكتسبات يتطلب تدبيرا مندمجا وناجعا من خلال الاعتماد على العرض والتدبير الجيد للطلب عبر عقلنة والاقتصاد في استعماله وعدم تبذيره، ، كما يتعين أن يتم هذا التدبير وفق مقاربة تشاركية عبر مساهمة جميع المتدخلين في قطاع الماء . 2- ما هي التدخلات التي تقوم بها الوكالة لتدبير الضغط على الموارد المائية بالجهة ؟ إن مجهودات جميع المتدخلين مكنت وكالة الحوض المائي من إعداد المخطط التوجيهي للتنمية المندمجة للموارد المائية على صعيد حوض درعة وادنون، وكذا الشروع في إعداد عقدة الفرشة المائية بجهة كلميم واد نون هدفها إدماج كل مستعملي المياه وإشراكهم في تدبير الموارد المائية من خلال عمليات التوعية والتحسيس. كما أن الوكالة تقوم بمجموعة من الدراسات لتحديد الموارد المائية المتوفرة والاحتياجات المستقبلية لساكنة الجهة، وكذا أهم المشاريع التي يمكن إنجازها من أجل تحسين العرض المائي والتدبير الجيد للطلب على الماء وذلك من خلال عدة عمليات تهم بالخصوص تثمين الموارد المائية خاصة في المجال الزراعي، وتحسين مردودية الشبكة المائية، واعتماد مزروعات تكون أقل استهلاكا للماء وأكثر مردودية، فضلا عن تحسيس الساكنة بأهمية الحفاظ على الموارد المائية بالمنطقة. 3- ما هي أهم المشاريع المنجزة في مجال المنشات المائية ؟ إن المخطط التوجيهي للتنمية المندمجة للموارد المائية على صعيد حوض درعة وادنون يرتكز بالأساس على تنمية العرض المائي عبر التعبئة القصوى للمياه السطحية بإنجاز السدود، ولهذه الغاية ، فإن جهة كلميم واد نون تشهد حاليا تشييد مجموعة من السدود منها السد الكبير "فاصك" (جماعة فاصك بإقليم كلميم) الذي تسير أشغال إنجازه بشكل جيد، ومن المنتظر أن تكون له تأثيرات إيجابية سواء على مستوى الفرشة المائية أو تقوية منظومة الماء الصالح للشرب بالمدينة والجماعات المحاذية لها. وبالاضافة الى سد "فاصك" ، توجد سدود تلية متوسطة في طور الإنجاز ستلعب دورا في تغذية الفرشة المائية والحماية من خطر الفيضان للساكنة والممتلكات. إن السدود تلعب دورا محوريا في التنمية من خلال توفير عرض مائي مهم لمواجهة التحديات المستقبلية المتعلقة بتزايد الطلب على الماء الشروب خاصة وأن ساكنة أقاليم الجهة تشهد نموا مضطردا ، إضافة إلى تطور المساحات الفلاحية المسقية سواء في إطار برنامج (المغرب الأخضر) أو البرنامج الحالي (الجيل الأخضر)، وما تتطلبه مشاريع استثمارية من توفير لموارد مائية مهمة لاسيما في المجال السياحي والصناعي. كما انخرطت الوكالة في إنجاز مشاريع كبرى مهيكلة تهم تحلية مياه البحر بإقليمي سيدي إفني و طانطان، وإعادة استعمال المياه العادمة من أجل سقي المساحات والأحزمة الخضراء المتواجدة في طور الإنجاز بمدن الجهة. وتقوم الوكالة أيضا بعدة أعمال منها التنقيب عن المياه الجوفية خاصة في المناطق النائية بالعالم القروي سواء بأقاليم الجهة أو بالمناطق التابعة لنفوذها ، وكذا إنجاز أثقاب استكشافية بهدف تعبئة المياه لسد الخصاص الحاصل في الماء الشروب وتوريد الماشية. إن ضعف التساقطات المطرية بالجهة يدفع الى اللجوء للموارد المائية المتاحة على مستوى الفرشات المائية التي تعرف ضغطا كبيرا يتجلى في تراجع مستوى الماء ، فمدينة كلميم تشهد على مستوى الفرشة المائية تراجع بمعدل نصف متر سنويا ، بالاضافة الى تسجيل تراجع كبير في إنتاجية مجموعة من الآبار والاثقاب المائية، وهذا يستدعي اتخاذ إجراءات لمواجهة هذه المعضلة وهو ما حدا بالوكالة الى التفكير في عقدة فرشات مائية بالمدينة هدفها تحقيق تدبير فعال يساهم في الحفاظ على الموارد المائية الحالية واستغلالها في إطار التنمية المستدامة. وفي غياب تدبير جيد لهذه الموارد لا يمكن تحقيق التنمية المنشودة بالجهة سواء في المجال الفلاحي او الصناعي او السياح. 4- عام 2020 كان سنة استثنائية جراء تفشي وباء كورونا، ما هي الإنجازات التي ميزت هذه السنة؟ إن سنة 2020 كانت استثنائية بفعل تفشي جائحة كورونا، إلا أن ذلك لم يكن له تأثير كبير على مستوى الأوراش المبرمجة . ففي إطار مهامها المتعلقة بتدبير الملك المائي، قامت الوكالة خلال 2020 على مستوى جهة كلميم وادنون بمنح مجموعة من الرخص المتعلقة بحفر الآبار، والأثقاب الاستكشافية المائية، واستخراج مواد البناء من الأودية، ورخص تتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العام المائي، فضلا عن إبداء الرأي في مشاريع استثمارية وحول مجموعة من العقارات بالجهة من خلال تسليم شواهد إدارية، إلى جانب تسجيل مخالفات تتعلق بالترامي على الملك العام المائي أو حفر بدون ترخيص أو استخراج مواد البناء بدون ترخيص . 5- ما هي المشاريع المستقبلية للوكالة ؟ الوكالة لها برنامج سنوي يهدف الى إحداث أثقاب لاستكشاف مياه جديدة لاسيما بالمناطق الجبلية، خاصة بسيدي إفني التي تعرف صعوبة في الوصول الى الموارد المائية الصالحة للشرب. فالوكالة تخصص سنويا للجهة ميزانية تقدر ب 6 ملايين درهم لإنجاز مجموعة من الاثقاب الاستكشافية لتعبئة مياه جوفية جديدة لتجاوز معضلة نقص الماء الشروب خاصة في العالم القروي. كما أن هناك مشاريع تهم الحماية من الفيضانات بجميع مناطق نفوذ الوكالة ، فبإقيلم طاطا (جهة سوس ماسة) تم خلال السنتين الماضيتين إنجاز مشاريع عبارة عن منشآت لحماية جميع المراكز الحضرية بالاقليم من الفيضانات وذلك بكلفة تفوق 35 مليون درهم منها 18 مليون درهم خصصت لإنجاز مشروع بجماعتي فمزكيط وآقا ، وقصبة سيدي عبدالله بن مبارك، وفم الحصن، وجماعة طاطا. وبخصوص علاقة الوكالة بالبحث العلمي، انفتحت الوكالة منذ انطلاقها على محيطها الخارجي وخاصة الشركاء المهتمين بمجال البحث حيث تم تنظيم لقاءات تحسيسية وتواصلية وكذا التكوين وخاصة مع المؤسسات التعليمية والجامعة وهناك مشاريع مبرمجة في اطار تشجيع البحث العلمي وخاصة في ميدان تثمين الموارد المائية وايضا برمجة مشاريع تهم التحسيس والتواصل وخاصة في اطار عقدة فرشات مائية.