أثار الإعلان عن إقالة الرئاسة التركية لمحافظ البنك المركزي ناجي آغبال من منصبه، عدة تساؤلات حول أسباب هذا القرار المفاجئ ومدى ارتباطه بالتراجع الحاد لسعر صرف الليرة مع افتتاح تداولات الأسبوع الجاري. المحلل الاقتصادي التركي جلال بكار يسلط الضوء، في هذا الحوار الذي خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، على أسباب هذا القرار ومدى ارتباطه بالهبوط الحاد لسعر الليرة التركية التي فقدت 17 في المائة من قيمتها مقابل الدولار خلال تعاملات أمس، وتداعياته على الأداء الاقتصادي التركي بشكل عام. 1/ ما هو تعليقكم على قرار الرئاسة التركية المفاجئ إقالة محافظ البنك المركزي بعد أقل من خمسة أشهر على تعيينه ؟ - قرار الرئيس رجب طيب أردوغان إقالة محافظ البنك المركزي جاء بعد إقدام الأخير على رفع سعر الفائدة فوق التوقعات بمقدار 200 نقطة أساس، من 17 إلى 19 في المائة، مع تأكيد إجراء تشديد نقدي قوي إضافي بالنظر إلى المخاطر الصاعدة، وذلك في تعارض تام مع رؤية أردوغان الذي يرى في ارتفاع أسعار الفائدة "عدوا" لرؤيته للنمو الاقتصادي، فعندما ترفع الفائدة لأكثر من 7 في المائة من معدلات التضخم، يدل ذلك على التدخل في حجم ونمو الاقتصاد بشكل سلبي، وبالتالي فإن هذه الخطوة ليست جزءا من الحل وإنما جزءا من المشكلة على الصعيد المستقبلي. بمعنى أن رفع أسعار الفائدة إلى مستوى 19 في المائة سيحسن من قيمة الليرة على المدى القصير، لكنه سيؤدي إلى وقف عجلة الإنفاق ومن ثم الإنتاج. 2/ في نظركم، ما مدى تأثير تذبذب قيمة الليرة على أداء الاقتصاد التركي ؟ - الاقتصاد التركي يعتمد في أساسه على الإنتاج الصناعي المتنوع والزراعة والسياحة، أي أنه اقتصاد متنوع، وليس اقتصاد ريع يعتمد على مداخيل قطاع واحد. وقد حقق الاقتصاد التركي خلال جائحة "كورونا" نموا بأكثر من 1,9 في المائة، وهذا ما يجعل تركيا من الدول القلائل جدا التي حققت نموا في ظل الجائحة. كما أن الاقتصاد التركي لم يعتمد على حلول اقتصادية خارجية للخروج من أزمة "كورونا"، بل اعتمد على الاقتصاد المحلي وتطوير الأدوات الإنتاجية وبدائل أخرى، وخاصة الطبية والصناعية، وبالتالي يمكن القول بأن تأثير تقلب سعر العملة المحلية على الاقتصاد "ظل محدودا". 3/ كيف ترون العلاقة بين وضع العملة وأداء الاقتصاد التركي ؟ - هبوط العملة أو صعودها في السياق الاقتصادي التركي ليس بالأمر المستبعد، وهو متوقع دائما ومرتبط ببوصلة التطورات السياسية الداخلية ومستجدات الأحداث الدولية، لاسيما الاقتصادية وأوضاع الأسواق المالية. فقيمة العملة لا تعكس بالضرورة قيمة الاقتصاد بشكل مباشر (مثال الصين). وأستحضر هنا أن ارتفاع الدولار، على خلفية الانتعاش الهام المتوقع في الاقتصاد الأمريكي، أدى إلى انخفاض بعض العملات، مثل الدولار الأسترالي والنيوزلندي.