صراخ، ضرب، إهانة، شتم، تهديد... لا شك أن معظم الآباء جربوا هذه الوسائل لتغيير سلوك أبنائهم، غير أن الخطأ يتكرر في كل مرة، وهو أمر يغيظهم ويغضبهم، لكن، مهلا، أليس من الطبيعي أن يخطئ الطفل؟ هو كذلك، ومن مثل هذه الأخطاء والمواقف تبنى شخصيته وثقته بنفسه، فإن انفجرنا غضبا في كل زلّة تصدر عن صغارنا فلن نحصد غير التوتر، أما إذا جعلنا كل خطأ فرصة للتعلم، فسنربح الكثير، إذا بدل العقاب، سنعلم الطفل مهارة إيجاد حل للمشكل الذي وقع فيه، وهي مهارة سيستفيد منها طيلة حياته. أسماء مڭاني، كوتش ومؤطرة معتمدة في التربية الإيجابية للآباء والمدرسين تسلط الضوء على هذا الموضوع في الحوار التالي: 2m.ma: يلجأ عدد من الآباء إلى العقوبة لتصحيح سلوك أبنائهم، ويلاحظون أن الخطأ يتكرر ولا يتغير أي شيء. ما السبب؟ سواء تعلق الأمر بالعقوبة الجسدية أو اللفظية، أو أي شكل من أشكال العقاب، الأهم بالنسبة إلي هو أن يكون الآباء على وعي بما تخلفه العقوبة في أبنائهم، فعندما أستعمل الضرب كعقاب، أوّلا أفرغ غضبي في طفلي، وأعزز سلوك العنف لديه، ويمكن أن يتعود على الضرب فلا يعطي معه نتيجة وقد يصل إلى مرحلة التحدي، ثم إنني أضع حدا لتصرفه في تلك اللحظة فقط، لكنه سيتكرر لأنني لم أعلّمه أي مهارة، ولم أعلّمه كيف يصحح خطأه، لم أقل له إن الخطأ فرصة للتعلم وهذا أحد مبادئ التربية الإيجابية 2m.ma: كيف يمكن أن يصبح الخطأ فرصة للتعلم؟ العقوبة لا يبقى لها مكان في الأساليب التربوية عندما نعرف بماذا نعوضها، ، عندما يرتكب ابني خطأ لا ألجأ الى الصراخ أو الضرب يجب أن أفكر في ما يجب أن أقوم به لأصحح الخطأ حتى لا يتكرر، في التربية الإيجابية، نتحدث عن العواقب بدل العقاب، هناك العواقب الطبيعية والعواقب المنطقية والبديل الآخر هو إيجاد الحلول.
بالنسبة للعواقب الطبيعية، فهي لا تتطلب تدخل المربي شريطة أن يكون الطفل على علم بما سينتج عن تصرفه، مثلا إذا لم يرتدِ معطفه أثناء هطول المطر، ستتبلل ثيابه وقد يمرض، هنا أترك الطفل يتحمل نتيجة اختياراته. وللتوضيح، هناك شروط لاستعمال هذه العواقب، فلا يمكن مثلا أن أترك ابني يلعب في الشارع حتى تصدمه سيارة، إذن في حالة الخطر لا أطبق العواقب الطبيعية، ولا أطبقها أيضا عندما تتعارض مع حقوق الآخرين. نقطة أخرى أريد أن أؤكد عليها، عندما لا يرتدي ابني معطفه ويخبرني مثلا أنه شعر بالبرد، أبدي تعاطفي معه وأخبره بكل بساطة أن ذلك نتيجة طبيعية لتصرفه، ولا ألومه وأوبّخه بعبارات على غرار: لقد شرحت لك ذلك عدة مرات، أو أنت لا تنصت عندما أتكلم معك. 2m.ma: ماذا عن العواقب المنطقية؟ تتطلب العواقب المنطقية تدخل المربي بحيث يكون هناك اتفاق مسبق مع الطفل، وتكون فعالة بتوفر 4 شروط. أولا: أن يعرف الطفل ما سيحدث له بسبب تصرفه ثانيا: أن يكون هناك احترام، حيث استعمل اللين والصرامة في آن واحد، دون أن أهين الطفل، يجب أن أعامله كما أعامل صديقا أو زميلا في العمل حتى لو كان طفلي في سن صغيرة. ثالثا: أن تكون معقولة، مثلا إذا اتفقت مع ابني على مدة معينة يشاهد فيها التلفاز، وتجاوز الوقت المحدد، أحذف الوقت الذي أضافه في المرة المقبلة، وهكذا أكون منطقيا في تعاملي. ما يحصل هو أن الطفل يتجاوز الوقت المتفق عليه، فيقرر الآباء عقابه بالحرمان ليومين أو أكثر رابعا: أن تكون مرتبطة بخطأ الطفل، فمثلا عندما لا يحصل الطفل على نقطة جيدة، أمنعه من لعب الكرة مع أصدقائه. ما العلاقة بين الدراسة ولعب الكرة؟ * الصرامة واللّين، التشجيع والبحث عن الحلول بدل الوقوف عند المشكل.. هذه هي أهم مبادئ التربية الإيجابية * شجعوا طفلكم بدل مدحه، لأنه يتعلم بالتشجيع ويكون واثقا من نفسه * حوار- بناء الثقة في النفس عند الأطفال.. بين الأخطاء الشائعة وما يجب أن يكون 2m.ma: الآباء يرون أن حرمانه من شيء يحبه سيجعله يشعر بالخطأ الذي ارتكبه إنهم يختارون الحل الأسهل، وهو لا يعطي نتيجة لأنه سيتكرر، وسيفكرون في عقوبة أشد في المرة المقبلة، ولن يعطي ذلك نتيجة. فالصواب في المثال الذي تحدثت عنه، هو أن أجلس مع ابني وأسأله عما حصل معه في الامتحان: هل كان صعبا؟ ألم تراجع بما فيه الكفاية؟ هل كان الاختبار طويلا ولم يكن الوقت كافيا لإنهائه؟... يجب أن أعرف المشكل وأشتغل عليه حتى لا يتكرر، فإذا لم يستطع ابني أن ينهي الإجابات كاملة خلال الوقت المحدد، أبحث عما يجب أن نفعله، ربما يكون في حاجة إلى المزيد من التمارين حتى يكون مستعدا في الاختبار المقبل. 2m.ma: بقي أن نتحدث عن إيجاد الحلول نعم، التربية الإيجابية تشجع كثيرا على إيجاد الحل، فالهدف أن يجد الطفل الحل حتى لا يتكرر السلوك الخاطئ، ويحب أن أعمل على أن يصبح الطفل مشاركا في تغيير السلوك حيث يأتي الحل من عنده. ينبغي أن يفهم الآباء نقطة مهمة، وهي أن الطفل لا يقوم بسلوك ما متعمدا، وإذا وعوا بهذا الأمر، فلن يروا السلوك في حد ذاته ولكن سيعتبرون هذا السلوك فرصة للتعلم، والطفل عندما يتعود على ذلك يسير بدوره في اتجاه البحث عن الحلول، ولكن يكون خائفا أو يضطر للكذب هربا من العقاب. 2m.ma: هل هناك طريقة معينة ينبغي اتباعها؟ أولا إذا أردت أن أعلم ابني مهارة من الخطأ الذي ارتكبه، لا يجب أن أكون في حالة غضب، ثانيا، لا ينبغي أن أستغل فرصة وقوع زلّة ما لأذكره بكل الزلات السابقة، ثالثا، أدخل معه في حوار على شكل أسئلة مفتوحة على غرار: أين يكمن المشكل بنظرك؟ ما الذي يمكن أن يساعد على تقويم سلوكك؟ ما الذي يساعدك على قول الحقيقة (لا أستعمل كلمة كذب)؟... إلخ. بهذه الطريقة أعلم طفلي التفكير في المشكل والتعود على إيجاد الحلول، وهذه المهارة سيحتاجها عندما يكبر، لأنه سيفكر في حل المشاكل التي تعترضه. هذا الأمر يحتاج نفسا طويلا وصبرا كثيرا، لكنه يؤتي أُكله في النهاية.