انتهت الثلاثاء، جولة الحوار الليبي الثانية بين وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبيين، التي انطلقت أشغالها يوم الجمعة المنصرم بمدينة بوزنيقة، بالإعلان عن التوصل لاتفاقات إيجابية حول عدد من النقاط. وأكد بيان عن الوفدين، أن هذه الجولة "توجت بالتوصل إلى تفاهمات شاملة حول ضوابط وآليات ومعايير اختيار شاغلي المناصب القيادية للمؤسسات السيادية المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع اتفاق الصخيرات". وأوضح الوفدان في البيان الختامي الذي توج أشغال هذه الجولة المنعقدة ما بين 2 و 6 أكتوبر الحالي، أن "إنجازات جولات الحوار بالمملكة المغربية بين وفدي المجلسين، تشكل رصيدا يمكن البناء عليه للخروج بالبلاد إلى الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي". من جانبه، صرّح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، الثلاثاء، أن التوافقات التي توصل لها من جلسات الحوار الليبي ببوزنيقة، هي توافقات "حاسمة" في اتجاه اختيار شاغلي المناصب السيادية وفقا لما تنص عليه المادة 15 من اتفاق الصخيرات. موقع القناة الثانية، حاور ضمن فقرة ثلاثة أسئلة، خالد الشكراوي، الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية وبجامعة محمد الخامس، الذي أكد أن التوافقات المحققة من شأنها فتحُ مساراً جد إيجابيّ نحو حلحلة الأزمة الليبية، كاشفاً أنّ المطلوب اليوم، "هو مزيد من التنسيق وترك الفرقاء الليبيين للبحث عن صيغ تفاهم ليبية للمجال الليبي ولصالح الليبين، دون فرض أي أجندة خارجية".
ما قراءتكم لما تحقّق في الحوار الليبي بعد لقاءي بوزنيقة؟ يجب أولاً أن نضع لقاء بوزنيقة في إطاره العام، لقاء الفرقاء الليبيون، مسألة جدّ إيجابية، وعقد لقاء ثاني بعد الأول، يعكس أن المسألة بدأت تأخذ، مجراها في إطار التفاهم ووضع مجموعة من اللبنات، لتسهيل مأمورية المفاوضات المقبلة، لأنّ ما يحدث الآن في بوزنيقة، مرحلة من مراحل المصالحة، لتذليل بعض الصعاب، من بينها ما نوقش حول توزيع المناصب السيادية والمؤسسات. الأهم هو أن الطرفاء الليبيون يجتمعون بالمغرب، أوّلاً عدم تدخل المغرب، بأجندة سياسية داخل التراب الليبي، ثانياً الحفاظ على الوحدة الليبية، وثالثاً أنّ اجتماعات بوزنيقة، لم تخرج عن الإطار الذي سطرته الأممالمتحدة، بالتالي فإن هذه اللقاءات تدخل في إطار الشرعية الدولية.
هل من شأن التوافق حول المناصب السيادية، أن يكون مفتاحاً يمهّد لحلّ النزاعات السياسية؟ ما حصل من توافقات حتى اليوم، وما ينتظر أن تسفر عنه مستقبلاً، ليس إلا سلسلة نحو حل أكبر، لأنه يجب الاعتراف بصعوبة حل الأزمة الليبية بعد لقاء أو اثنين. خصوصاً أمام تعدد الملفات التي يجب مناقشتها وحلحلتها في هذا الإطار، وما يحدث في لقاءات بوزنيقة جزء من الحل، والمغرب وباقي الفرقاء، ومن المبكّر الحديث عن حل نهائي، والمهم هو أننا في خط طريق جدّ إيجابي نحو حل المسألة الليبية، والمغرب، يقوم، فقط بالمساهمة في مساعدة الليبيين، لحل المشكلة، لأن أهمية الدور المغربي هو عدم التدخل بأي أجندة، وترك الليبيين يفتحون النقاش بينهم والتوصل لحلول، بين الليبيين أنفسهم.
هل يمكن أن نجاح الحوار الليبي بالمغرب، مرتبط بكون المملكة ترعى الحوار دون أن تكون له أي أجندة بالبلد المغاربي أو تحيّز لأي طرف من الأطراف؟ صحيح، ذلك أن المغرب ليست له أولاً ارتباطات جغرافية مباشرة مع ليبيا، أو مصالح مباشرة، بالتالي فغايته الأولى من رعاية الحوار هو الوحدة الوطنية الليبية والعلاقات المتميّزة مع جميع الفرقاء الليبيين، لذلك الليبيون يثقون في الموقف المغربي، ويثمنونه، حيث تهدف المملكة لوضع خارطة طريق للتوصل لإنهاء الأزمة بالبلد، تحت إمرة الشرعية الدولية وليس تحت إمرة دولة معيّنة، خصوصاً وأنّ هناك تثمين دولي خاص من طرف الأممالمتحدة. المطلوب هو مزيد من التنسيق وترك الفرقاء الليبيين بالبحث عن صيغ تفاهم ليبية للمجال الليبي ولصالح الليبين، دون فرض أي أجندة خارجية.