خريطة انتشار فيروس كورونا تتسع بسرعة وعدد ضحاياه في ارتفاع مستمر، سرعة لا توازيها إلا سرعة انتشار الشائعات التي يتم تداولها وترويجها حول هذا الفيروس عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية، والتي قد تصل إلى حد التهويل والتضخيم المبالغ فيه. المغرب كغيره من بلدان العالم، أعلن أمس الاثنين عن تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد، تم تأكيدها مخبريا بمعهد باستور المغرب لمواطن مغربي مقيم بالديار الإيطالية، إعلان كان كافيا لجعل البعض يقوم بنشر مجموعة من الأخبار عبر تطبيق واتساب ومواقع التواصل الاجتماعي من قبيل إغلاق المدارس وتقديم موعد العطلة المدرسية. ومن أجل مواجهة هذا الشائعات سارعت وزارة التعليم إلى نفي الأخبار المتداولة والدعوة إلى الالتزام فقط بما يصدر عن الوزارة عبر قنواتها الرسمية ومصالحها المختصة، كما نظمت وزارة الصحة ندوة صحفية للكشف عن تفاصيل تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة في المغرب. فهل تواصل المؤسسات الرسمية يساير سرعة انتشار الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام؟ وكيف يمكن زرع ثقافة التحري من صحة الأخبار وعدم الانسياق نحو تصديق الشائعات لدى المواطن البسيط؟ الجواب في الحوار التالي مع الخبير في التواصل الرقمي مروان حرماش ضمن فقرة "3 أسئلة" ما الذي يدفع بالبعض إلى التهويل ونشر الشائعات حول انتشار فيروس كورونا؟ نشر الشائعات والتهويل المبالغ فيه ليس بالأمر الجديد أو وليد اللحظة، غير أن ما يساهم اليوم في سرعة انتشار الأخبار المغلوطة هي الخاصيات التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي وعدم إمكانية فرض الرقابة على مستخدميها، إلى جانب عدم مهنية بعض المنابر الإعلامية. هناك بعض المؤسسات الإعلامية يكون هدفها الأساس هو جلب أكبر عدد من القراء والمتتبعين، من أجل ذلك تحرص على اعتماد عناوين مثيرة والتي تكون أحيانا مخالفة لمضمون المقال، وتغفل أن هناك بعض القراء الذين يكتفون فقط بقراءة العنوان ولا يهتمون بتفاصيل الخبر، وهو ما يكون لديهم فكرة خاطئة عن الموضوع. أمام هذا الوضع، نجد أن العديد من المواضيع التي يتم تداولها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي يكون مبالغا فيها، وذلك بسبب عدم التحري من صحة الأخبار. وبالرجوع إلى حالة المغرب، نجد أنه على عكس باقي البلدان التي سجلت إصابات بفيروس كورونا، لم يكن هناك تهويل بل على العكس من ذلك تم نشر مجموعة من المنشورات الساخرة من هذا الفيروس، لدرجة أن بعض المواطنين قاموا بالتوجه إلى المستشفى الذي يتواجد فيه المصاب، وهو الأمر الذي يمكن تفسيره بحالة الترقب والانتظار التي شهدتها بلادنا بسبب عدم تسجيل أي حالة في المغرب مقابل ارتفاع عدد الضحايا في البلدان المجاورة. هل تواصل المؤسسات الرسمية يساير سرعة انتشار الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ بصفة عامة، يمكن القول أن الحكومة المغربية ووزارة الصحة منذ بداية انتشار فيروس كورونا حرصت على توفير المعلومات الكافية للمواطنين حول هذا الموضوع والتفاعل مع المستجدات بشكل سريع، لكن السؤال الذي يطرح الآن هو هل هذه الإجراءات التواصلية ستواكب تطور انتشار المرض وذلك في حال تسجيل إصابات جديدة ببلادنا؟ كيف يمكن زرع ثقافة التحري من صحة الأخبار وعدم الانسياق نحو تصديق الشائعات لدى المواطن البسيط؟ زرع ثقافة التأكد من صحة الأخبار وعدم الانسياق نحو تصديق الشائعات لدى المواطن البسيط يكون أساسا عبر أداء وسائل الإعلام لدورها بشكل مهني وعدم الانسياق نحو الربح المادي فقط. من جهة أخرى، يجب على المؤسسات الرسمية أن لا تعتمد فقط على المقاربة الأمنية من قبيل تهديد مروجي الشائعات بالمتابعة القانونية لأنها ليست حلا كافيا، ولكن بالمقابل يجب العمل على تنظيم حملات تحسيسية وتلقين الأطفال بالمؤسسات التعليمية الطريقة المثلى لتلقي المعلومات واستعمال مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل الحصول على مواطن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية في تداول المعلومات.