ليس من المفروض أن نتحدث بما لا نعرف، خصوصا إذا كان الشأن مرتبط بالشريعة والدين، وطالما أن أهل الإفتاء الفقهي والشرعي موجودون في كل مكان فهم من يناط بهم ذلك، وعلينا جميعا احترام ما يتفق عليه أهل العلم. اليوم تتحدث وسائل الإعلام عن فتوى لعضو هيئة كبار العلماء في السعودية، فضيلة الدكتور علي الحكمي الذي حرم احتراف اللاعبين المسلمين دون سن 18 عاما في الأندية الأجنبية (أي دولة خارج العالم الإسلامي). وقال الدكتور العلامة أن احتراف اللاعبين الصغار الذين هم دون ال18، في أوروبا مثلا، حرام شرعا، وأضاف في تصريحات لصحيفة الوطن السعودية: “احتراف اللاعبين الصغار في أوروبا أمر غير جائز للعديد من الأسباب، أهمها أن هؤلاء اللاعبين يعدون في عرف القانون الدولي أطفالاً، وإرسالهم إلى بلدان لا تعرف طبيعة أوضاعهم الاجتماعية يجعلهم قابلين للتأثر بالبيئات الجديدة على مستوى الفكر والعقيدة والسلوك والخلق، وهذا ما يجعل من احترافهم فيها غير جائز شرعا”. ورفض الشيخ الحكمي فكرة سفر والد اللاعب أو أخيه الأكبر معه مشددا: “حتى لو كان مع اللاعب الصغير مرافق فان احترافه غير جائز، حيث أنه لا ضرورة لذلك”. وهنا، وليس تعليقا على هذه الفتوى، نقول.. ماذا عن سفر الطلاب للدراسة في الخارج، وهناك الكثير من المحظوظين الذين ينالون الثانوية العامة ولم يبلغوا السن المذكورة بعد، فهل من الواجب شرعا أن ينتظروا حتى يصلوا للثامنة عشرة ثم يحق لهم بعدها السفر. من المؤكد أننا بحاجة للدين في كل شؤون الحياة، غير أن هناك الكثير من الأمور الواجب التفكير فيها كأولوية قصوى، حتى على الصعيد الرياضي. فمثلا.. ما رأي الشريعة في إغلاق جدران الأندية العربية على اللاعبين الموهوبين وعدم المساح لهم بتطوير أنفسهم حتى يفوتهم القطار، ويجدوا أنفسهم مجبرين على العمل في أكثر من وظيفة، ومنهم من يعين “صوريا” في الجيش أو الشرطة، وينتهي الأمر به على هيئة الأغلبية “أنصاف اللاعبين” الذين يخوضون مباراتهم في ليلة.. وبقية الليالي ضيوفا على المقاهي. وسؤال آخر، ربما يساعدنا على التفكير أكثر، فهل اللاعب الشاب إذا ما كان جاهزا للانحراف الأخلاقي، فإنه لا يستطيع ذلك في بلده نفسها، وكم سمعنا قصصا وكتبنا عن فضائح كنا نخجل أنها وقعت في بلدان عربية وأبطالها من نجوم الصف الأول. ربما يكون الاحتراف في الخارج وفي سن مبكرة مدعاة لإفساد اللاعبين المسلمين الذين لم يحصلوا على التوعية والنشأة الإسلامية، وربما يلوث الغرب أفكارهم.. هذا صحيح، ولكن لا نريدهم أن يبقوا في أوطانهم، فمنهم من يدفن وهو حي، ومنهم من يتحول إلى نجم على الورق فقط، ومنهم من يموت جراء حوادث السيارات بسبب السرعة الزائدة، وقد أصبح موت اللاعبين الشباب على الطرقات “موضة” هذه الأيام. ندعو بالسلامة دائما لنجومنا الشباب، وأن تصبح الأندية العربية قادرة على استثمار قدرات اللاعبين الموهوبين لديها، فلا نحتاج للغرب ولا للأندية الأجنبية.. ونكون في غنى عن الاختلاط بمن هم على شاكلة بالوتيللي وغيره من اللاعبين المنحرفين.