أعلنت مجموعة "سوناطراك" عن مناقصة دولية لاستيراد 60 ألف طن من "الغازوال"، وهي المرة الثانية التي تعلن فيها الجزائر عن مناقصة دولية لاستيراد الغازوال منذ بداية العام الجاري، بعد استيراد 30 ألف طن في يناير الماضي لسد العجز المتفاقم في توفير هذه المادة بالجزائر التي تعرف زيادة في الإستهلاك بمعدل يفوق 10 بالمائة سنويا منذ 2002، نتيجة عدم لجوء الحكومة إلى فرض قيود على واردات السيارات التي تعمل بالغازوال، وتأخر المشاريع الجديدة لرفع طاقة التكرير المحلية، في حين عرف الاستهلاك المحلي زيادة من 3.6 مليون طن بداية العقد الماضي إلى حوالي الضعف حاليا. وبلغت فاتورة واردات الجزائر من الغازوال حوالي 300 مليون دولار، أي يعادل 100 ألف طن في المعدل خلال السنوات الخمس الأخيرة التي عرفت انفجارا هائلا في حجم واردات السيارات والآليات العاملة بالغازوال، فضلا عن ارتفاع عدد مشاريع البنية التحتية والنقل والبناء والري والفلاحة التي تتطلب استهلاك كميات إضافية من الغازوال. وأعلنت مجموعة "سوناطراك" أنها ستواصل استيراد كميات إضافية خلال السنة الجارية والسنة القادمة لتغطية العجز في الاستهلاك المحلي من المادة، وهو العجز الذي سيزداد حدة إلى حدود سنة 2014. واعتبرت مصادر متطابقة أن الجزائر تواجه مشكلات حقيقية، بسبب الضغط المتزايد على الإنفاق العام، حيث تخصص مبالغ مالية طائلة من أجل الإنفاق على البنية العسكرية، على حساب تجديد معاملها العاملة في مجال البترول والغاز، وأشارت المصادر ذاتها إلى أن حجم الإنفاق العسكري، يفوق بكثير مداخيل البترول والغاز الطبيعي، وهو ما جعل كثيرا من المراقبين يؤكدون على أن استيراد الغازوال هو نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتردي. وأوضحت المصادر ذاتها، أن الجزائر فوتت فرصة تاريخية لتحقيق التكامل الاقتصادي على مستوى اتحاد المغرب العربي، خصوصا أمام تعنتها المتواصل في فتح الحدود البرية مع المغرب، ودخولها في مشاكل مع تونس بسبب دعمها للنظام الليبي، وقالت المصادر إن الجزائر تتوفر على احتياطي مهم من الذهب الأسود، لكن غياب رؤية اقتصادية للمستقبل جعل بنيتها التحتية تتدهور، حيث باتت غير قادرة على مواكبة سيرورة الإنتاج الوطني. وأشار خبراء القطاع أن الجزائر فوتت فرصة زيادة الإنتاج المحلي من المواد المكررة ومنها الغازوال خلال السنوات الفارطة نتيجة فشل سياسة قطاع الطاقة والمناجم في زيادة قدرة التكرير الوطنية من خلال إطلاق مشاريع مصانع تكرير جديدة ومنها مشروع مصفاة تيارت الذي كان يفترض أن يقام بولاية بجاية، قبل أن يتبخر نهائيا، وهو المشروع الذي علقت عليه أمالا كبيرة لتغطية العجز في المواد المكررة ومنها الغازوال وبعض الزيوت الصناعية الأخرى. وكانت "سوناطرك" أعلنت سنة 2009 أنها تعتزم زيادة طاقتها التكريرية إلى 40 مليون طن سنويا بحلول عام 2016 من 26 مليون طن حاليا، وهو المشروع الذي لم يتحقق بعدما فشلت سياسة الجزائر الطاقية في ظل تزايد طلب الجزائر على العتاد العسكري. يذكر أن الجزائر تتوفر على خمسة مصانع تكرير قديمة جدا، تم بناؤها في الفترة الممتدة بين 1961 و1980 وهي مصفاة العاصمة الجزائر بطاقة 60 ألف برميل يوميا، وحاسي مسعود التي تم بناؤها سنة 1964 بطاقة 30 ألف برميل في اليوم، ومصنع أرزيو سنة 1972 بطاقة يومية تعادل 60 ألف برميل ومصنع سكيكدة، وهو الأكبر في الجزائر ب300 ألف برميل يوميا وتم بناؤه سنة 1980 ومصنع عين امناس بطاقة 7 آلاف برميل يوميا وتوقف عن الخدمة سنة 1987، ثم مصنع تكرير بسيط بولاية أدرار بطاقة 13 ألف برميل في اليوم سنة 2007.