بالرغم من بثّ "البوليساريو" عناصرها وجواسيسها وسط الصحراويين في مخيمات تندوف لمعرفة ما يدور فيما بينهم، وبالرغم من عمليات التفرقة التي التجأت إليها جبهة الانفصاليين وسط العائلات الصحراوية وزرع بذور التشتت والتفرقة والكراهية بينهم، وبالرغم من التهديدات ضد كل من يحاول التطاول على القيادة الفاسدة والمستبدة في المخيمات، فإن الصحراويين المحتجزين داخل السجن الكبير بتندوف يصرون على التعبير عن مغربيتهم كلما سنحت لهم الظروف ورفضهم للاتفصال. في هذا الصدد، تستمر الاحتجاجات بأسلوب جديد أربك احتياطات وإجراءات "البوليساريو" القمعية، حيث لجأ أفراد قبيلة الركيبات لبيهات إلى طريقة جديدة للتعبير عن مواقفها، وذلك بنهج الاحتجاجات المتحركة والمفاجئة، الشيء الذي جعل جواسيس ومخبري وميليشيات "البوليساريو" في موقف الارتباك لدرجة جعلتها لا تستطيع مجاراة حركية الاحتجاجات ولا التصدي لها. وقد قامت مجموعة من الأشخاص، يقدّر عددهم ب600 فرد، بتنظيم مسيرة بواسطة السيارات، وتمكنت مجموعة منهم من الوصول إلى مقر "البوليساريو" بالرابوني. وفي محاولة يائسة للتغطية على هذه المسيرة، تم دفع عناصر انفصالية للتسرب وسط المسيرة وشرعت في ترديد شعارات مؤيدة ل"البوليساريو". لكن المتظاهرين واجهوهم برفع الأعلام المغربية ورفع شعار "الصحراء مغربية" من قلب تندوف، ومن داخل الأراضي الجزائرية، مما أربك حسابات المسخّرين لإفشال المسيرة المؤيّدة لمغربية الصحراء. هذا الموقف كان كافيا لإثارة الغضب والحنق داخل القيادة الانفصالية المتحكمة في مصير الصحراويين الذين احتجزتهم طيلة أربعة عقود في مخيمات البؤس والذل، والمتاجرة بأوضاعهم تحت شعار الدفاع عن قضية وهمية. وكان نتيجة هذا الغضب والحنق الانفصالي إعطاء الأوامر بقمع أية محاولة يهدف أصحابها إلى التعبير عن مغربيتهم من خلال التلويح بالأعلام المغربية وترديد الشعارات الوحدوية، إلى جانب التشديد وخنق كل صوت حر يعبر عن حقيقة الوضع المتردي داخل تندوف بمزيد من القمع والتنكيل.