جوزيف بادين، نائب الرئيس الأمريكي، والمعروف بجو بايدن، شخصية وسمت الجيوبوليتيك بميسم خاص، خصوصا ما يتعلق بشمال إفريقيا والشرق الأوسط وأساسا ملفات الإرهاب، ولهذا يبقى لحضوره الدورة الخامسة للقمة العالمية لريادة الأعمال بعد رمزي مضاف لبعده العملي. واستقبال جو بايدن من طرف جلالة الملك محمد السادس يؤكد على الأبعاد الاستراتيجية للقمة، التي جاءت كخلاصة للاتفاق بين جلالة الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي باراك أوباما، خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها جلالة الملك لواشنطن، حيث ركز القائدان على ضرورة التوجه إفريقيا من أجل المساعدة على التنمية مع التأكيد على الدور الريادي للمغرب في هذا المجال. فالدورة الخامسة للقمة العالمية لريادة الأعمال تتوخى وضع التجديد والابتكار، كمصدر رئيسي للتنافسية، في صلب أولويات هذه المبادرة، وذلك من خلال التشجيع على إرساء استراتيجية للنمو الشامل. وكان اللقاء بين جلالة الملك وأوباما قد أكد على إرادة قائدي البلدين لتطوير تعاون استراتيجي ثلاثي بإفريقيا، ولاسيما في مجالات الولوج إلى الطاقة والأمن الغذائي. وانصبت المباحثات بين جلالة الملك ونائب الرئيس الأمريكي جو بايدن على تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين والتي تستمد قوتها من أسسها التاريخية، ورصيدها من القيم المتقاسمة ومن قدرتها على التكيف والتجدد. وتناولت هذه المباحثات، أيضا، التطورات الأخيرة لقضية الصحراء المغربية، وكذا القضايا الإقليمية والدولية، وخاصة الوضع في منطقتي الساحل والشرق الأوسط، والنزاع العربي الإسرائيلي بالخصوص، نظرا لما تعرفه المنطقة من تطورات خطيرة، خصوصا بعد سيطرة داعش على مناطق مهمة من العراق وسوريا ودخولها مصر وليبيا، وإعلان الدولة الإسلامية وسك عملة خاصة مرافقة لمشاهد القتل والإعدام بلا رحمة. وكان جلالة الملك قد قام بزيارة عمل لواشنطن، عرفت إصدار بيان يعتبر تاريخيا بكل المقاييس، حيث مكنت الزيارة الملكية "من فتح آفاق جديدة لتعاون وثيق كفيل بالاستجابة للإرادة المشتركة من أجل تطوير ملموس للعلاقات الثنائية وتقديم إجابات فعالة للتحديات المتعددة التي تهدد السلم والاستقرار الإقليميين". وأكد البيان المشترك على أهمية المغرب الذي أصبح يقوم بدور ريادي في القارة الإفريقية، وكذا حفاظه على مناخ الأعمال الجذاب للاستثمار. وتعول واشنطن على المغرب في لعب دور أساسي في إفريقيا "سواء من حيث مساهمته في محاربة الإرهاب الذي يعتبر ضمانة للاستقرار، أو سواء من حيث قدرته على المساهمة في تنمية بعض الدول الإفريقية". فأمريكا اليوم، وبتعبير البيان المشترك، تدرك فرادة وتميز التجربة المغربية، وتعي جيدا أهمية الدور الحيوي الذي يقوم به المغرب في تأمين المنطقة والتصدي للخطر الإرهابي وللجريمة العابرة للحدود ومواجهة كل التهديدات الأمنية التي تصدر من دول الساحل جنوب الصحراء، إذ لا يتم هذا الدور فقط من خلال المقاربة الأمنية الاستباقية وجدية المغرب في التنسيق والتعاون الأمني الإقليمي، وإنما يتم أيضا من خلال تمدده في عمقه الإفريقي، وتحريكه للروابط التاريخية والدينية والاقتصادية والتجارية لتأمين المنطقة والدفع بعجلة التنمية فيها. دون أن ننسى أن العلاقات الأمريكية المغربية من نوع العلاقات الاستراتيجية، التي تنبني على روح التوافق حول مجموعة من القضايا ذات الأهمية المشتركة بين البلدين، والتي تهم التطوير الاقتصادي وتهم الأمن والاستقرار في العالم.