يأتي انعقاد الدورة الخامسة للقمة العالمية لريادة الأعمال ثمرة اتفاق بين جلالة الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي باراك أوباما، خلال الزيارة التي قام بها جلالة الملك للولايات المتحدةالأمريكية، وتتوخى هذه القمة وضع التجديد والابتكار، كمصدر رئيسي للتنافسية، في صلب أولويات هذه المبادرة، وذلك من خلال التشجيع على إرساء استراتيجية للنمو الشامل. وحظي المغرب بهذا الاحتضان لأنه حقق ما يستحق الريادة في العديد من مجالات الأعمال، التي يمكن نقلها إلى إفريقيا، وهي التي تجسدت أجزاء منها في الزيارة التي قام بها جلالة الملك لأربع دول إفريقية، وكان اللقاء بين جلالة الملك وأوباما قد أكد على إرادة قائدي البلدين لتطوير تعاون استراتيجي ثلاثي بإفريقيا، ولاسيما في مجالات الولوج إلى الطاقة والأمن الغذائي.
ونظرا لنوع العلاقة التي تربط بين المغرب وأمريكا، فإن المباحثات بين بين جلالة الملك ونائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يقوم بزيارة للمغرب للمشاركة في أشغال الدورة الخامسة للقمة العالمية لريادة الأعمال، انصبت على تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين والتي تستمد قوتها من أسسها التاريخية، ورصيدها من القيم المتقاسمة ومن قدرتها على التكيف والتجدد.
وتناولت هذه المباحثات ،أيضا، التطورات الأخيرة لقضية الصحراء المغربية، وكذا القضايا الإقليمية والدولية، وخاصة الوضع في منطقتي الساحل والشرق الأوسط، والنزاع العربي الإسرائيلي بالخصوص.
ولا يمكن للباحث والمحلل أن ينسى أن جذور العلاقة الرابطة بين المملكة المغربية والولاياتالمتحدةالأمريكية تضرب في أعماق التاريخ، إذ إن المملكة المغربية تعد أول بلد يعترف باستقلال الولاياتالمتحدة سنة 1777.
ومكنت الزيارة الملكية الأخيرة إلى واشنطن من فتح آفاق جديدة لتعاون وثيق كفيل بالاستجابة للإرادة المشتركة من أجل تطوير ملموس للعلاقات الثنائية وتقديم إجابات فعالة للتحديات المتعددة التي تهدد السلم والاستقرار الإقليميين.
فالعلاقة بين المغرب وأمريكا ليست علاقات تقليدية، بل تدخل ضمن العلاقات الاستراتيجية، وهذا ما أكده البيان المشترك بين جلالة الملك وأوباما، الذي أكد أهمية المغرب الذي أصبح يقوم بدور ريادي في القارة الإفريقية، وكذا حفاظه على مناخ الأعمال الجذاب للاستثمار.
ويحظى المغرب بثقة الشريك الأمريكي، ولهذا تعتبر واشنطن أن دور المغرب في إفريقيا لم يعد من الأدوار التقليدية ولكن أصبح أساسيا سواء من حيث مساهمته في محاربة الإرهاب الذي يعتبر ضمانة للاستقرار، الذي لا وجود لتنمية بدونه ولا يمكن انتظار نمو اقتصادي واجتماعي في ظل القلاقل والتهديدات المتطرفة، أو سواء من حيث قدرته على المساهمة في تنمية بعض الدول الإفريقية، وهذا كان محور الزيارة الملكية لأربع دول مكنت من عقد اتفاقات استراتيجية.
لكل هذه الأسباب تم اختيار المغرب ليحتضن هذا المؤتمر الدولي، الذي تعتبر إفريقيا وجهته، وبالتالي فإن الدول المعنية تنتظر أن يخرج المؤتمر بنداء مراكش الذي سيكون حاسما لتنمية الأعمال في إفريقيا حتى تعتمد على نفسها في الإقلاع الاقتصادي.
فالعالم اليوم وأمريكا بالخصوص يدرك فرادة وتميز التجربة المغربية، ويعي جيدا أهمية الدور الحيوي الذي يقوم به المغرب في تأمين المنطقة والتصدي للخطر الإرهابي وللجريمة العابرة للحدود ومواجهة كل التهديدات الأمنية التي تصدر من دول الساحل جنوب الصحراء، إذ لا يتم هذا الدور فقط من خلال المقاربة الأمنية الاستباقية وجدية المغرب في التنسيق والتعاون الأمني الإقليمي، وإنما يتم أيضا من خلال تمدده في عمقه الإفريقي، وتحريكه للروابط التاريخية والدينية والاقتصادية والتجارية لتأمين المنطقة والدفع بعجلة التنمية فيها.
هذه هي المعايير القوية التي جعلت من المغرب قبلة للكثير من الشخصيات، وهو ما أهله ليقود الريادة في مجال الأعمال بإفريقيا.