في أوقات متقاربة قامت مصالح الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بناء على معلومات دقيقة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، بتفكيك خليتين إرهابيتين، الأولى تتكون من فرنسي تحول نحو الإسلام الجهادي وفرنسي من أصل مغربي، والثانية تتكون من أربعة فرنسيين، وخططت كلها لضربات عنيفة ضد المغرب وضد مصالحه الحيوية، لكن يقظة العيون التي تحرس أمن البلد حالت دون ذلك، والحمد لله. نذكر أولا أن هذه العملية تدخل في إطار استراتيجية الضربات الاستباقية، التي تبناها المغرب منذ مدة طويلة، وهي الاستراتيجية التي أتت أكلها، وجنبت المغرب الكثير من الكوارث التي تعرضت لها العديد من الدول الأخرى، بل إن استراتيجية المغرب أصبحت مثار إعجاب من العالم. فقد استدعت الأممالمتحدة المغرب لشرح رؤيته في محاربة الإرهاب، وكانت محط إعجاب أمم الدنيا، بل إن الكل يعتبرها درسا ينبغي الاستفادة منه، وخطة المغرب رائدة في هذا المجال، ولم يتم انتقاد المغرب لا في سياسته الأمنية لمحاربة الإرهاب، بل إنه تمكن من سد الثغرات التي تعاني منها العديد من الدول، سواء الثغرات الأمنية أو القانونية، وأعطى خير نموذج في الحرب الفكرية والدينية ضد التطرف والإرهاب. ورغم حملات التشويه الداخلية والخارجية المدفوعة الثمن، التي استهدفت الخطة المغربية في محاربة الإرهاب، فإن الزمن كان كفيلا بأن يبرهن بأن المغرب كان على حق والآخرين كانوا على خطإ، لكنها السياسة ومكائدها لا تترك فرصة للإنسان ليقول إنه كان على خطإ. أما العنصر الثاني في هذه القضية فهو انحدار أعضاء هذه الخلايا من فرنسا. هذه الدولة التي انحدرت إلى أسفل الترتيب في الحماية الأمنية، وذلك نتيجة الاهتمام والانهماك بالأمور الشخصية والبسيطة بدل الاستراتيجيات الكبيرة. وها هو برلماني أمريكي ورئيس لجنة حماية التراب الأمريكي بالكونغرس مايكل ماكول، وهو الخبير في المجال الأمني، بحكم رئاسته لهذه اللجنة فإنه دائم الاتصال بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية بمعنى أن ما يقوله هو عبارة عن كم من المعلومات الدقيقة التي يتوصل بها باستمرار، وعلى معرفة وافية بأنظمة الحماية الأمنية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي أوروبا وباقي دول العالم، (ها هو) يدق ناقوس الخطر. هو هذا الخبير الذي قال إن أوروبا أصبحت كلها ثغرات أمنية، وتحولت إلى طريق سيار لمرور الإرهابيين ذهابا وإيابا نحو بؤر التوتر، موضحا أن نظام الحماية الأمنية كله ثغرات، وبالتالي فإن أوروبا أصبحت موردا رئيسيا للإرهابيين خصوصا وأن العديد من الدول لا تفرض تأشيرات دخول على مواطني الاتحاد الأوروبي. ففرنسا التي تريد إعطاء الدروس للغير في المجال الأمني والحقوقي والقضائي، أصبحت متهمة بتصدير الإرهابيين. كيف ذلك؟ طبعا أغلب الدول في العالم يذهب منها إرهابيون نحو بؤر التوتر بسوريا والعراق ومالي والصومال. لكن الفرق بين بلد وآخر يعود إلى نظام الحماية الأمنية وإجراءات مراقبة العابرين، حيث تقع فرنسا اليوم في أسفل الترتيب مما يجعلها خطرا أكبر من بعض البلدان التي تحسب أنها تصدر الإرهابيين.