انتصر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، على خصومه السياسيين، ورفض بفضل أغلبيته في مجلس النواب، مقترح قانون تقدمت به فرق المعارضة يرمي إلى إحداث هيئة وطنية للإشراف على الانتخابات، ومما قاله مايسترو الضجيج في المجلس ورئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية باسم فرق الأغلبية إن هذا المقترح يخالف مقتضيات الدستور ويخالف كل شيء. سبحان مبدل الأحوال. الهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات كانت قبيل الانتخابات السابقة أم المعارك بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، وكانت صنو المجلس التأسيسي، الذي شنف به أسماعنا مصطفى الخلفي، الوزير الحالي في الاتصال، والذي كان يجهل مضامين المجلس التأسيسي، ولم يكن يعرف أنه يعقب الثورة ولم يتم تطبيقه سوى ست مرات في تاريخ الديمقراطيات في العالم، ولم "يضرب الطم" إلا بعد أن كاد يوصل تونس إلى الكارثة. قبيل الانتخابات السابقة لم يكن الحزب الحاكم حاليا المعارض سابقا يلهج بشيء سوى "الهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات"، حتى قال بعض الظرفاء لو كرر زعماء الحزب اسم الله أكثر من الهيئة لنالوا قربة من الله شبيهة بقربة الصوفيين وأهل الله. كانت الهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات معركة مصير بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، حتى إن زعماءه وخطباءه في الكثير من المهرجانات، هددوا بمقاطعة الانتخابات إذا استفردت الحكومة بالإعداد للانتخابات، ولأسباب يعلمها بنكيران والمقربون منه لم يقاطع الحزب الانتخابات. اليوم جاء الحزب ليعتبر أن أم المعارك هي إشراف الحكومة على الانتخابات ويعتبر المطالبين بالهيئة مخالفين للدستور. ويطلق النعوت الكثيرة ضد المعارضة. بنكيران اليوم يقول إن الوضع اختلف وأنه هو من يملك الإشراف على الانتخابات. هذه مجرد حيلة فقط لأن وزارة الداخلية هي من يمتلك مفاتيح الإعداد للانتخابات. لسنا ضد ولا مع هذا الإشراف. لكن نريد معرفة أسباب هذا التحول الغريب. الموقف غريب عمن لا يعرف حزب العدالة والتنمية. فهو يمتلك الإشراف على الانتخابات من خلال رئيس الحكومة الذي هو الأمين العام للحزب. وهو قال بعظمة لسانه، واللسان ما فيه عظم، إن جلالة الملك منحه هذه الصفة. ياسيدي مبروك عليك الإشراف على الانتخابات. لكن كيف لرئيس حكومة هو من يملك الإشراف على الانتخابات، أن يطلق العنان لأصحابه وأهله وعشيرته على حد قول الرئيس المعزول محمد مرسي كي يشككوا في نزاهة الانتخابات؟ فلأول مرة في تاريخ المغرب يشكك من يشرف على الانتخابات في نزاهتها قبل أن تقع؟ إذن الأمر وما فيه هو أن الحزب، الذي يشعر بأنه يختلف عن باقي الأحزاب، لم يكن غرضه هيئة وطنية للإشراف على الانتخابات أيام كان في المعارضة ولكن كان هدفه التشويش على الانتخابات. فقد كان يشكك في نزاهتها ويطالب بإشراف مستقل واليوم تولى الإشراف عليها من خلال أمينه العام ويحذر من تزويرها. الهدف لدى بنكيران هو أن يكون ممسكا بمفاصيل الانتخابات وليس نزاهة الانتخابات.