كشفت مشكلة "بادس" العقارية في الحسيمة عن الخروقات الكبيرة التي يقترفها الفاعلون في قطاع العقار بمختلف تصنيفاتهم وتراتبيتهم في هرم المسؤولية المعنوية والمادية في حق الزبناء المتهافتين على منتوجات العقار. وفي الوقت الذي فتح فيه هذا الحدث الباب على مصراعيه لجدل واسع بين هؤلاء الفاعلين في محاولة، كل من موقعه، التملص من هذه المسؤولية، أكد مصدر موثوق أن قطاع العقار الذي أصبح منذ سنة 2000 يشكل عصب الاقتصاد الوطني ورافعة لنموه ومساهما كبيرا في الناتج الداخلي الخام، (أكد) على أن فضيحة الحسيمة ما هي إلا جزء صغير يخفي الكثير مما يقترفه المهنيون في هذا الباب، وذلك في ظل غياب واضح لقانون رادع، يحمي المستهلكين أي الزبناء أو المُلاّك الجدد الذين يتهافتون على شراء العقارات، خصوصا منها العقارات المخصصة للسكن بمختلف أنواعه. وعدَّد المصدر المذكور خروقات كثيرة وخطيرة يقترفها المهنيون في حق زبائن أو مستهلكي العقار المخصص للسكنى والخدمات الإدارية. وصنف المصدر ذاته هذه الخروقات في ما يسمى مهنيا ب"العيوب المخفية" التي تشوب المنتجات العقارية من دون علم المستهلك ومن دون قدرته على تحميل المسؤولية فيها إلى المنعش العقاري أو صاحب الملك الذي يبيع العقار. وحدد المصدر ذاته أكثر من اثنى عشر خرقا تدخل في هذه العيوب المخفية يمارسها المهنيون ضدا على رغبة المستهلك، ومنها عدم احترام دفتر التحملات والتغييرات المختلفة في التصاميم وعيوب البناء وتشوهاته، والتلاعب في المساحة واستعمال مواد غير ذات جودة والترقيعات المصاحبة لعمليات إنهاء الأشغال. إلا أن أهم هذه الخروقات والعيوب المخفية التي تنطلي على المستهلكين فتتمثل في عدم مطابقة المنتوج مع النموذج المعروض لإغراء الزبون/ المستهلك ثم الإشهارات الكاذبة وغير المطابقة لواقع المنتوج، ثم عدم احترام تاريخ تسليم المنتوج، ليبقى الأخطر من هذه العيوب اثنين، أولهما التزام المشتري بالتوقيع (في عقد الوعد بالبيع أو عقد البيع النهائي) على إعفاء البائع من مسؤولية الالتزام بالعيب في المنتوج وفق بنود غاية في الدقة تحمي هذا البائع من دون حماية المشتري / الزبون، وثانيها وهو الأهم ويتعلق بعدم احترام بنود قانون 44-00 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز أو ما يعرف بالعامية قانون "شراء العقار في البلان"، وهو القانون الذي قال بصدده أحد الفاعلين يشكل موطنا لعدم الاحترام من طرف المقاولين في تعاملاتهم مع المستهلكين، حيث يجد فيه هؤلاء المقاولون وسيلة للاحتماء من كل متابعة، الشيء الذي جعل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي نهاية أبريل الأخير يدق ناقوس الخطر بموجب هذا القانون مبرزا النواقص التي تشوبه في ما يتعلق بحماية المستهلك ومطالبا بتسريع مشروع 107-12 القاضي بإصلاح هذا القانون الذي يحمي المنتج أكثر مما يحمي المستهلك سواء في حالة التأخر عن موعد تسليم المنتوج أو في حالة وجود عيوب خفية كالغش في المساحة أو مواد البناء غير المطابقة أو فيما يتعلق بأشغال الترصيص والكهرباء وما إلى ذلك، وذلك على الرغم من أن البند 618 -3 من قانون بيع العقارات في طور الإنجاز يرغم المنعشين على توقيع عقد أولي لدى موثق مرفوقا بدفتر للتحملات يحملهم المسؤولية في حال هذه العيوب. وحمل فاعل في قطاع العقار مسؤولية العيوب الخفية في العقار على غرار ما وقع في مشروع بادس بالحسيمة إلى عدة اطراف بداية من المهندس لكونه السلطة المتعاقدة التي عليها الإشرف على البناء وتتبع الأشغال من بدايتها إلى نهايتها كما حمل هذه المسؤولية لمكتب الدراسات ومكتب المراقبة المعهود إليهما مثل هذه الأعمال، كما حمل هذا الفاعل المسؤولية كاملة إلى الدولة في شخص وزارة السكنى وسياسة المدينة أكثر من تحميل الوكالات الحضرية للمدن هذه المسؤولية لكون الأخيرة تتحدد مسؤولياتها في تجاوزات مُعامِلات أراضي البناء أو الاحتلال بغير حق أو تجاوزات عدد الطوابق أثناء البناء. و دعا فيه هذا الفاعل المقبلين على شراء عقارات للسكنى عدم التوقيع على بنود تبرئ ذمة المقاول أو البائع ضمن عقود الوعد بالبيع أو العقود البيع النهائي، وذلك في الوقت الذي تعتمد فيه معظم البلدان آلية الخبرة أثناء البيع ذلك أن بائع العقار أو المقاول يتحتم عليه الحصول على خبرة الجودة والصلاحية يتسلمها من طرف خبير مختص ومحلف قبل عرض منتوجه العقاري. محمد عفري