طغى الطابع السياسي بشكل كبير على موضوع الانتخابات الرئاسية الجزائرية، المزمع إجراؤها يوم 17 أبريل القادم، إلى جانب الطابع الإعلامي، وكلاهما ركّزا فقط على مسألة ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية جديدة ومواقف مختلف الفاعلين السياسيين إزاءها. لكن هناك جانب آخر من الأهمية بمكان، وله تأثيره الكبير والحاسم في هذه المسألة، ويأتي في درجات دنيا إن لم نقل يتم التغاضي عنه لحاجات في نفوس المعنيين بالأمر. إن معركة أو حملة الانتخابات الرئاسية ستتميّز بالحضور القوي للمال، أي لرجال الأعمال والمال الذين سيخوضون معركة مصيرية من أجل الدفع بفوز مرشحهم المفضّل. إذن، المعركة ستكون معركة مالية على خلفية سياسية. بمعنى آخر أن سلطة المال ستلعب دورها المؤثّر في هذه المعركة. وبالطبع، فإن أصحاب المال والأعمال سيطلبون مقابلا لدعمهم القوي لهذا المرشح أو ذاك. آخر المعطيات حول الموضوع تفيد أن رجال المال والأعمال خصصوا 750 مليار سنتيم للحملة الانتخابية الخاصة بالرئيس بوتفليقة. وكلما زادت حرارة الحملة كلما ستزداد عملية ضخّ المزيد من الأموال قابل للتغيير مع اشتداد حدّة الحملة ومع اقتراب يوم الاقتراع. ولهذا الغرض، فإن "القيادة العامة" لحملة الرئيس، التي تتكوّن في غالبيتها من الدائرة المحيطة به، والحريصة على الحفاظ على مصالحها ومواقعها، شرعت في حثّ رجال الأعمال والمال على المساهمة في دعم حملة بوتفليقة للفوز بولاية رابعة. وتتحدث الأوساط الإعلامية في الجزائر عن رجل الأعمال علي حداد، رئيس مجمّع "حداد" باعتباره "النواة الصلبة" في هذه العملية إلى جانب رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، رضا حمياني. نفس الأوساط الإعلامية قالت إن الرجلين قاما بحملة وسط رجال الأعمال و"الباطرونا" لدعم ومساندة الرئيس بوتفليقة. في نفس الاتجاه، سارت حملة أخرى موازية لدى وكلاء السيارات بتخصيص 200 سيارة جديدة رهن إشارة "القيادة العامة " لحملة الرئيس. لا تقف التعبئة التي أعلنتها "القيادة العامة" لحملة الرئيس عند هذا الحد، بل إنها وضعت برنامج عمل دقيق لإشراك مختلف الفعاليات التي لها تأثير على الرأي العام، ومنها إطلاق قناة إخبارية تحت اسم "الوئام"، خصص لها رجال المال والأعمال مبلغا ماليا يقدّر ب180 مليار سنتيم. ولا حديث في هذه القناة سوى عن تمجيد ما حققه الرئيس بوتفليقة من منجزات طيلة ولاياته الثلاث السابقة، أي خلال 15 سنة من حكمه للجزائر. ومن المنتظر أن يتزامن انطلاق البثّ الرسمي للقناة مع انطلاق الحملة الانتخابية المقررة يوم 23 مارس الجاري. وسيشرف على تسيير وإدارة قناة "الوئام" طاقم من المسؤولين الإعلاميين السابقين بمشاركة عدد كبير من الصحفيين والتقنيين العاملين في التلفزيون العمومي، مع الإشارة هنا إلى إمكانية استغلال مختلف وسائل وبرامج وأرشيف تلفزيون الدولة في الحملة. بالطبع، لا يمكن بأيّ حال من الأحوال استبعاد الأهداف والمصالح التي يسعى إليها هذا الفريق الكبير من "الداعمين والمانحين" الذين يتهافتون حول تجديد ولاية الرئيس بوتفليقة، كما أن هذا الكرم الحاتمي لا يمكن أن يكون لوجه الله. وهنا نستحضر موقف المناهضين لهذه الولاية المندّد بتحالف أصحاب المال والأعمال ومن يلفّ حولهم من أجل تكريس بوتفليقة للبقاء سنوات أخرى في قيادة الجزائر مع أن الجميع يدرك تمام الإدراك أن الرئيس، الذي سيخلف نفسه، في حالة صحية لا تسمح له بتاتا بممارسة شؤون الرئاسة بصورة عادية إن لم نقل بالنجاعة والفعالية المطلوبة حمادي الغاري