ارتبطت إمامة المصلين بقبول الجماعة البشرية التي ترتاد المسجد، وبالتالي تصبح مطالبة أئمة المساجد بالإدماج في الوظيفة العمومية غير منطقية، لأن الإدارة العمومية هي التي تحدد موقع ومنطقة وجود الموظف وطبيعة عمله، فلنتصور أن وزارة الأوقاف وظفت إماما راتبا وقيما دينيا على مسجد من المساجد فرفضه المصلون، ومعروف لدى المغاربة أنهم يدققون في اختيار إمام الصلاة الراتبة, ويحتجون عليه ويطردونه إذا ظهر منه سلوك مشين أو خلق غير منسجم مع موقعه. إذا اضطر المصلون للتخلي عن إمام راتب فهل ستجد له الوزارة موقعا آخر أم أنه سيصبح عالة على الوزارة؟ ومعروف تاريخيا أن الإمام الراتب يتم اختياره من طرف جماعة المصلين في المسجد، وغالبا ما يكون من ذوي الحرف الحرة، فعرفنا أن الإمام الراتب هو الفقيه الذي يشتغل من عرق جبينه ,ويغلق دكانه ليصلي بالناس ,ولم يكن في حاجة إلى من يؤدي مصاريفه. وكان هناك صنف من الأئمة والقيمين يرعون مصالح المساجد ويتعيشون من أوقافها لكن أن يكون الإمام الرتاب موظفا فهذا فيه إجحاف لجماعة المصلين التي تختار برضاها من يؤمها في الصلاة بدل أن تفرضه عليها الإدارة. وبين المعتصمون أمام البرلمان أنهم ليسوا في الإمامة بشيء لأنه لا يسمح للإمام بما يسمح به لغيره، وتحدث العلماء عن خوارم المروءة ومنها الأكل في الطرقات وهو مباح شرعا لكن غير مقبول بالنسبة للفقيه والواعظ فكيف سمح الأئمة لأنفسهم برفع كاريكاتورات مشوهة لشخصيات عمومية، هي مقبولة من غيرهم لكن منهم تعتبر من خوارم المروءة.