عندما وقعت أحداث 16 ماي الإرهابية، والتي هزت مدينة الدارالبيضاء وأدخلت المغرب نادي الدول التي طالها الإرهاب العالمي، تم استدعاء قيادة العدالة والتنمية مرفوقة بأحمد الريسوني رئيس حركة التوحيد والإصلاح لحظتها، ومن بين ما قاله مسؤولو الداخلية لقيادة الحزب أن مؤسسات الحركة والتنظيم السياسي والجمعيات والمنظمات الموازية لهما مسؤولون معنويا عن الحادث الإرهابي. وارتفعت أصوات آنذاك متهمة الدولة بمحاولة تصفية الحساب مع الحزب الإسلامي، وراجت أنباء عن تدخلات دولية لحظر الحزب، ولم يتحدث أحد عن حقيقة التهمة الموجهة لحزب العدالة والتنمية، وهل هناك مسوغات لهذا الاتهام أم لا؟ فالتهمة الموجهة لحزب العدالة والتنمية ليست من فراغ، ولكن لأن الحزب الذي يزعم أنه حزب يؤمن بالمؤسسات وبالديمقراطية لا يتعدى من كل ذلك حجم الأصوات التي يحصل عليها من لعبة الصناديق. فحزب العدالة والتنمية ،مسؤول معنويا عن الإرهاب ،وحركة التوحيد والإصلاح الراعية للحزب مسؤولة أيضا. كيف ذلك؟ إن حركة التوحيد والإصلاح تعمل على نشر الأفكار المتطرفة، سواء عبر صحافتها المكتوبة والرقمية أوعبر الندوات التي تنظم والحملات التي تقود، وما زالت محاضنها القاعدية تدرس كتابات مشرقية عنيفة وتحرض على الكراهية، ولا يتم تداول الكتابات الداعية للديمقراطية إلا من أجل ألا يرتاب الأعضاء في المشاركة السياسية وقيادة الحكومة. اليوم نعيش لحظة للتكفير قوية وخطيرة. لقد استيقظ شيخ من التاريخ يسمى أبو النعيم ليكفر الاتحاد الاشتراكي ومفكرين أحياء وأموات. وللتذكير فالشيخ أبو النعيم معروف في الأوساط السلفية وحتى في أوساط الجماعة الإسلامية والإصلاح والتجديد، حيث كانوا يستدعونه لإلقاء محاضرات في صفوف أعضاء الحركة وكان على علاقة طيبة بهم. ذكرنا مسؤولية التوحيد والإصلاح معنويا عن أحداث 16 ماي وعرجنا على علاقتها بأ بي النعيم الذي خرج من قمقمه للتكفير لنقول إن الحركة مسؤولة أيضا عن هذه الخرجة المريبة في هذه اللحظة بالذات. فقد كتبت صحيفة التوحيد والإصلاح افتتاحية نارية حول ما قاله إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي في افتتاح مؤتمر نساء الحزب، والذي قال فيه إنه ينبغي مراجعة أحكام الإرث حتى تنسجم مع فصول الدستور الداعية للمساواة، وبغض النظر عن هذه الدعوة فهي تبقى في إطار النقاش ،وأحكام الإرث تختلف من فقيه إلى آخر وبالتالي الدعوة للمراجعة هي دعوة للاجتهاد الفقهي. وصدرت تصريحات لقادة الحركة وفقهاؤها تندد بالجرأة على أحكام الدين القطعية، وعلى رأسها تصريحات الريسوني ومولاي عمر بن حماد، والتي أخذت منحى تحريضيا واضحا من خلال إطلاق نعوت وبعث رسائل لمن يهمه الأمر، وبعدها خرج الشيخ السلفي، غير البعيد عن حالة التوحيد والإصلاح، ليصدر الفتوى الواضحة بتكفير قيادة الاتحاد، وفتوى التكفير في التيار السلفي تترتب عليها أحكام فقهية قاضية بالقتل على خلاف مذاهب أخرى التي يمكن أن تصنف فكرة ما بأنها خارجة عن الدين لكن لا تترتب عليها أحكام فقهية. بالجملة تبقى التوحيد والإصلاح مسؤولة معنويا عما صدر وعما يمكن أن يحدث وما يترتب عن هذه الفتاوى، وإذا أرادت غير ذلك فلتصدر بيانا تؤكد فيه على حرية النقاش كمبدأ ديمقراطي.