مسرحية اسمها سيارة المصلحة انتهت سبعة أيام من باكور الحكومة اختفت معها مظاهر الشعبوية التي كانت العنوان البارز للوزراء الملتحين في النسخة الأولى من حكومة بنكيران، وظهرت علامات البذخ والثراء على القوم، وتمت الاستعاضة بالبسطيلة عن البيصارة التي كانت محبوبة ومفضلة لدى دراويش الحركة الإسلامية الذين تحولوا إلى أثرياء. في بداية الحكومة روج أولاد العدالة والتنمية أساطير عن وزراء يمشون في الأسواق ويركبون السيارات البسيطة ويلبسون الجلباب ويأكلون البيصارة، بل إن رئيسهم، الذي علمهم الشعبوية، رفض الانتقال إلى إقامة رئيس الحكومة بحي الأميرات محتفظا بسكن زوجته مستفيدا من بدل الكراء، وبرر ذلك بأنه عربون وفاء للفقراء. لكن تبين أنه لا توجد لديه كبدة على الفقراء حيث أبان جرأة فائقة على كل ما هو اجتماعي. وتحولت الشعبوية إلى زيادات في ثمن المحروقات مع تأثيرها على كافة المواد الاستهلاكية، وإمعانا في الشعبوية قال بنكيران إن هذه الزيادة من مصلحة الفقراء الذين سيمنحهم مخصصات مالية شهرية تبخرت مع الريح. أين اختفت سيارة الكونغو؟ أين اختفت زلافة البيصارة؟ فعبد العزيز رباح، وزير التجهيز والنقل زائد اللوجيستيك في النسخة الثانية من حكومة بنكيران، هو صاحب هذه البدعة. فالذين يعرفون الرجل يقولون إنه بعيد عن حماية مصالح الدولة، وأبعد من الحرص على المال العام، فمنذ توليه رئاسة بلدية القنيطرة ظل يستغل سيارة الجماعة حتى خارج أوقات العمل الرسمية، ويتنقل بواسطتها من وإلى الرباط. الرباح الذي أشاع أنه يتنقل بواسطة سيارة كونغو أراد أن يفهم الشارع المغربي أنه زاهد في سيارات الدولة، وأنه يفضل التنقل عبر سيارة متواضعة، وهو شكل آخر من أشكال الشعبوية، لأن الرجل الزاهد في مال الجماعة لم يعطنا إبراء الذمة، ولم يقل للمغاربة حجم ممتلكاته، ولا كل تلك المنافع التي حصل عليها داخل مدينة القنيطرة وأحوازها والتي وظفها سياسيا. ولننظر إلى النموذج الآخر الذي يمثله مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة. فذات يوم من أيام الوزارة الأولى قرر الخلفي زيارة مقر القناتين الثانية والرياضية بالدارالبيضاء فاختار التنقل عبر القطار وأثناء وصوله استعمل سيارة أحد أصدقائه، وكان الرجل في مهمة رسمية تدخل ضمن اختصاصاته وكان عليه استعمال سيارة المصلحة، وبالتالي فتنقله عبر القطار فرض كثيرا من الأعباء المالية على مرافقيه. هذا هو الخلفي بالأمس أما اليوم فهو يمتلك فيلا فخمة بالهرهورة وأسطولا من السيارات بالإضافة إلى سيارات المصلحة. اليوم جاءنا الخبر التالي : سيارات المصلحة تكلف ميزانية الدولة 10 ملايين درهم سنويا. وهذه نسبة مرتفعة بالمقارنة بسابقاتها من الحكومات. لهذا نقول اليوم لقد انتهت مسرحية سيارات المصلحة وأن القوم لم يكونوا حريصين على المال العام بقدر ما كانوا يريدون التأسيس لنموذج جديد من سلوكات الوزراء غير أن واقع الحال أكد العكس. ما من شك أن الوزير ليس مطلوبا منه أن يأكل البيصارة ويركب السيارة المتواضعة حتى يكون وزيرا ناجحا لكن الشعبوية لا يمكن أن تصنع وزيرا.