الحل السياسي قال جلالة الملك محمد السادس في خطاب تخليد الذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء "رغم المحاولات اليائسة لخصوم المغرب للمس بسمعته وسيادته، فإننا سنواصل التعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومع مبعوثه الشخصي، ومع الدول الصديقة، من أجل إيجاد حل سياسي ونهائي للنزاع المفتعل حول وحدتنا الترابية، في إطار مبادرتنا للحكم الذاتي، المشهود لها بالجدية والمصداقية وبروح الواقعية. كما لن نرهن مستقبل أقاليمنا الجنوبية بتطورات قضية الصحراء، على المستوى الأممي، بل سنواصل النهوض بالتنمية الشاملة بربوعها". في هذه الفقرة أجوبة عميقة على أسئلة مطروحة في الساحة الدولية والوطنية. أسئلة يطرحها الخصوم ويطرحها حتى ذوو النوايا الحسنة الذين لم يستوعبوا طريقة تعاطي المغرب مع ملف شائك. وظل كل واحد يعطي الجواب الذي يناسب هواه ويخدم أهدافه، وطوال سنوات التفاوض والحوار حول إيجاد حل لقضية الصحراء ظل مفهوم الحل السياسي هو السلاح الذي يرفعه خصوم وحدتنا الترابية منذ قرار وقف إطلاق تحت إشراف الأممالمتحدة. الرسالة التي حملها الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة هي الجواب عن سؤال ظل عالقا منذ وقت طويل : ما هو مفهوم الحل السياسي لقضية الصحراء؟ لقد جاء الخطاب الملكي حاسما، وبالاستماع إليه في انسجام فقراته نفهم على أن الحل السياسي هو التفاوض حول التفاصيل وليس العنوان الكبير. الحل السياسي يعني أن العنوان الكبير هو أن الصحراء مغربية واسترجعها المغرب من المستعمر الإسباني بعد استشارة المحكمة الدولية وبعد تنظيم مسيرة خضراء مسيرة سلام بلا سلاح. وهذا العنوان الكبير ليس مجالا للتفاوض. فالحل السياسي لا يعني أنه يمكن أن نتفاوض حول انفصال الصحراء فهذا غير وارد نهائيا. فالمغرب ليس معنيا بما يطرحه الخصوم، ولكن وضع صيغة مؤطرة للحل السياسي مشخصة في مشروع الحكم الذاتي. فهذا المشروع هو الجواب العملي عن سؤال ما هو الحل السياسي؟ أي أن التفاوض لن يكون حول مغربية الصحراء ولكن سيكون حول طريقة تدبيرها وتسيير شؤونها، وسيكون حول المخول في المشاركة في اختيار من يسير الشأن العام بالصحراء وطريقة تدبير المجال، لكن لا مجال للتفاوض حول السيادة. وكي يحسم جلالة الملك الموضوع ويوجه رسالة إلى من يعنيه الإشراف على الحل السياسي قال جلالته "إننا حريصون على استكمال بلورة وتفعيل النموذج التنموي الجهوي لأقاليمنا الجنوبية، الذي رفعه إلى نظرنا السامي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. إن الأمر لا يتعلق بمجرد اقتراح حلول ترقيعية لظرفية طارئة، أو مشاريع معزولة لا رابط بينها، وإنما بمنظور تنموي متكامل، يرتكز على تحليل موضوعي لواقع الحال بأقاليمنا الجنوبية، ويهدف للتأسيس لسياسة مندمجة، على المدى البعيد، في مختلف المجالات. إننا نريده نموذجا متعدد الأبعاد، عماده الالتزام بقيم العمل والاجتهاد والاستحقاق وتكافؤ الفرص، نموذجا متوجها نحو المستقبل، تحتل فيه المرأة والشباب مكانة خاصة". لقد أراد جلالة الملك أن يقول لمن يعنيهم أمر الصحراء ولخصوم وحدتنا الترابية وللجهات المشرفة على البحث عن حل سياسي وللمنتظم الدولي وللمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء، إن المغرب ليس به حمق حتى يضع استراتيجية لبناء أرض هي محل صراع. ولكن المغرب يعتبر الأرض أرضه وبالتالي فهو سيسلك طريقا سريعا للبناء والتنمية، والحل السياسي هو لنزع الخلاف بين الصحراويين المغاربة والبحث عن سبل لإدارة المنطقة تحت السيادة المغربية.