بنكيران "طالع" للجبل يبدو أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، لم يرث من الشيخ عبد الكريم الخطيب مؤسس الحزب وراعيه لدى الدوائر الرسمية حتى شب وترعرع ثم تمرد سوى الصعود للجبل. غير أن الفرق بين الرجلين هو أن الراحل الخطيب صعد للجبل حقيقة قائدا للتمرد رفقة محجوبي أحرضان رافضا لمنطق الحزب الوحيد، ولهذا كان يحب أن يقول نحن أسسنا حزبنا بقوة السلاح في إشارة إلى سلاح جيش التحرير، وبنكيران يصعد إلى الجبل من خلال الخطابات النارية في التجمعات الخطابية، وكان آخرها الخطاب الذي ألقاه في تجمع للشبيبة نظمته بالدارالبيضاء. التجمع المذكور كان كل شيء يوحي فيه بالمرحلة التي سبقت عزل محمد مرسي، صاحب الإعلان الدستوري الذي لم تر مصر مثيلا له حتى في عهد الفراعنة، كل شيء في هذا التجمع يوحي بتشابه الأجواء، فكلمة الكاتب العام خالد بوقرعي شبيهة بكلمات الإخوان المسلمين قبل عزل مرسي، ولا نجد تفسيرا لقوله إننا سندافع عن الحكومة بكل ما أوتينا من قوة، وهي مفاهيم معروفة لدى الإخوان ورسائل واضحة لا تفيد غير حرق الأرض، وتلتها كلمة بنكيران، كبيرهم الذي علمهم كيف ينبطحوا حتى يتمكنوا، وأنه مستعد لكل الاحتمالات في حال ما إذا لم يتمكن من تشكيل الحكومة في نسختها الثانية. لا ينكر أحد أن الاستعداد لكل الاحتمالات هو نفسه الكلام الذي ردده الإخوان المسلمون، قبل أن يلجؤوا لرابعة العدوية ليس استدرارا لبركاتها ولكن احتماء وسطها وظهر بعد تفريق الاعتصام أن التنظيم الخاص المدرب على السلاح والقنص هو من كان يحمي رابعة وأن فورة الإخوان هي فورة سلاح موجود بينهم، وكلما هددوا بالشارع فأعلم أن القضية فيها رسائل إلى من يهمهم أمر تخريب الشارع. بنيكران لا يريد أن يتواضع ويعترف بتواضع أداء حكومته. فالحكومة الحالية أسوأ حكومة عرفها المغرب في تاريخه، ليس لأن التماسيح والعفاريت والحلوف وقفوا في طريقها، ولكنها حكومة "من الحمارة للطيارة"، كان هدف أصحابها هو السيطرة على مفاصيل الدولة ولكن كان يهمهم أمر الوطن لما استقدموا عناصرهم من الشارع للوظائف السامية، وكان بالإمكان الاستعاضة عنهم بأطر مقربة من الحزب لكن مؤهلة علميا وتقنيا. الحكومة فشلت لأنها ركبت رأسها ورفعت شعار التطهير. ولم تميز بين التطهير بمفهومه العام والتطهير بمفهومه الدارج أي الختانة فأتت على الأخضر واليابس. فعندما يقول بنكيران إنه ليس مسؤولا عن الأزمة إنما يريد الصعود للجبل، لكن لا عاصم اليوم من أمر الله. كما أنه لا يقول أحد إن الحكومات السابقة تركت الجنة فوق الأرض، ولكن لها إيجابيات وسلبيات وكان على الحكومة الحالية أن تستثمر في الإيجابيات وتطورها وتعالج السلبيات، غير أنها اختارت القطيعة مع الماضي فقطعت دابر القدرة الشرائية للشعب. حكومة فاشلة وصاحبها يهددنا بالأسوإ. بغيتو المعقول : أعلى ما في خيله يركبها أو أعلى ما في حميره لأن الإخوان ليس لهم في ركوب الخيل. فليفعلها حتى ننهي هذه الأسطورة.