رائحة المؤامرة لابد بداية أن نستنكر وبشدة إطلاق سراح دانيال كالفان، الإسباني الذي كان محكوما بثلاثين سنة سجنا في قضية اغتصاب 11 طفلا بالقنيطرة، وهي قضية تمس القيم والأخلاق الدينية والإنسانية وتمس ببراءة الطفولة. ولابد من تسجيل أن القضاء المغربي كان عادلا في إصداره للحكم وفي إنصافه للضحايا وذويهم. ففي العلاقات الدولية هناك اتفاقيات ثنائية بين البلدان، يتم بموجبها ترحيل السجين من بلد الاعتقال إلى بلده الأصلي ليقضي ما تبقى له من العقوبة، وهي حالات كثيرة حيث يتم ترحيل السجناء لاعتبارات كثيرة خصوصا في حالة المرض أو لظروف تقريب السجين من عائلته، وهذا أمر معمول به في كافة البلدان. كما أنه في العلاقات البينية التي تربط الدول يتم تقديم طلبات العفو من الدولة التي ينتمي إليها السجين إلى الدولة التي هو معتقل فيها، ويتم العفو وفق بروتوكولات تحترم طبيعة العلاقات بين البلدين. وقد يكون العفو لمصلحة عليا للبلد. إلى هنا يبقى الأمر عاديا جدا. لكن غير العادي هو أنه في ملف دانيال لوحظت أن القضية تمت بسرعة خطيرة وتم تداوله بشكل واسع في الصحافة والمواقع الاجتماعية بشكل آثار علامات استفهام كبرى. فإذا كان الديوان الملكي قد أعلن عن فتح تحقيق في موضوع إطلاق سراح دانيال، حيث أنه لم يتم إطلاع الملك على خطورة الأفعال المقترفة من طرف المجرم الإسباني، ولم يكن الملك ليعفو عن مثل هذا المعتقل، فإن افتعال كل هذه الضجة يطرح العديد من الأسئلة. من هي الجهة التي تقف وراء هذا الموضوع؟ من له الغرض للقيام بهذا الفعل التي تشتم منه رائحة المؤامرة؟ ومن المستفيد من وراء إطلاق سراح الإسباني دانيال؟ من يقف وراء الحملة الممنهجة في المواقع الاجتماعية؟ وتظل كل الأسئلة مشروعة. إن الحملة التي أعقبت هذا الحدث تبين أن الموضوع مدروس بعناية قصد الإساءة للمغرب ومؤسساته والإساءة للملك نفسه، مما يوحي بأن القضية تشتم منها رائحة المؤامرة. لقد أمر الملك بفتح تحقيق في الموضوع، و"أن يتم فتح تحقيق معمق من أجل تحديد المسؤوليات ونقط الخلل التي قد تكون أفضت لإطلاق السراح هذا الذي يبعث على الأسف، وتحديد المسؤول أو المسؤولين عن هذا الإهمال من أجل اتخاذ العقوبات اللازمة. وستعطى التعليمات أيضا لوزارة العدل من أجل اقتراح إجراءات من شأنها تقنين شروط منح العفو في مختلف مراحله". ولابد ألا يستثني التحقيق وزير العدل نفسه حتى يتم تحديد المتورط في هذه الجريمة التي تستهدف سمعة المغرب واستقراره. لقد كشفت هذه القضية عن وجود جهة تبحث عن طريقة لافتعال البلبلة وخلق القلاقل وإلا ما معنى تجنيد عناصر كثيرة من "المريدين" للسهر ليل نهار على تمرير تغريدات تمس بالمؤسسات وبالملك. لقد ظهر جليا أن الفايسبوك أصبح آلية من آليات التواصل الخطيرة لدى حزب سياسي حيث يجند الشعارات للقيام بعمل واحد. لاشك أن التحقيق إذا أخذ مجراه الطبيعي سيكشف عن رائحة لمؤامرة قادتها جهة من الجهات لها امتدادات دولية وأغراض أخرى.