بنكيران يشكر نفسه قال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إنه "رفع استقالات وزراء الاستقلال إلى الملك على مضض لأنه كان مرتاحا لعملهم وأدائهم وجديتهم، مبرزا أنه لجأ لخيار ترميم الأغلبية بالنظر إلى نتائج عدد من استطلاعات الرأي التي كشفت أن نسبة مهمة من المغاربة ماتزال تثق في الحكومة وفي رئيسها وتقيم إيجابيا أداء الحكومة". هذا الكلام كشف أن بنكيران الذي هو رئيس الحكومة والذي ينبغي أن يسهر على احترام القوانين هو من يخرقها ويدوس عليها، فلا وجود في المغرب لقانون ينظم استطلاعات الرأي ولا توجد مؤسسات متخصصة في هذا المجال، لكن ذهن رئيس الحكومة أبدع كل شيء واعتبر أن حكومته مازالت تنال ثقة المواطنين بشهادة استطلاعات للرأي. في أي إطار أجرى بنكيران هذه الاستطلاعات؟ ووفق أي قانون؟ ومتى أعلن عن ذلك؟ ومن هي المؤسسة التي أجرت هذا الاستطلاع؟ وما هو المعيار الذي اعتمدت حيث توجد معايير كثيرة في هذا المجال؟ ومتى تم الإعلان عن نتائجها. فاستطلاعات الرأي من أهم الوسائل التي يعتمد عليها صانعو القرار عند اتخاذ القرارات المختلفة، كما أنها أصبحت من إحدى الوسائل التي يستخدمها المسؤولون لزيادة مصداقيتهم عند الشعوب، كذلك انتشرت كوسيلة للدعاية الانتخابية في كثير من البلدان، مما أدَّى إلى ظهور الحاجة إلى رفع الوعي باستطلاعات الرأي. فاستطلاع الرأي هو دراسة يتم إجراؤها بشكل علمي، وتهدف إلى معرفة آراء المواطنين تجاه إحدى القضايا الهامة أو أحد الأحداث المطروحة على الساحة، وتفيد النتائج كلا من الأكاديميين والباحثين والمسؤولين، وتساعدهم في عملية اتخاذ القرار، كما أنها توفر قدرا كبيرا من المعلومات في مختلف المجالات. إذا كان هناك استطلاع فما الهدف منه؟ ومن الذي قام بإجراء الاستطلاع؟ وما هو المجتمع المستهدف من الاستطلاع؟ فالاستطلاع هدفه قياس الرأي العام. وهنا في قضية بنكيران هو قياس الرأي العام حول الثقة في الحكومة. فالرأي العام هو مجموع معين من الأفكار والمفاهيم التي تعبر عن مواقف مجموعة أو عدة مجموعات اجتماعية إزاء أحداث أو ظواهر من الحياة الاجتماعية إزاء نشاط الطبقات والمكونات والأفراد، وهو الرأي المشترك خصوصا عندما يظهر أنه رأي العامة من الناس، وهو الرأي السائد بين أغلبية الشعب الواعية حيال قضية معينة أو أكثر يحتدم حولها الجدل والنقاش وتمس مصالح الأغلبية أو قيمها الإنسانية مسا مباشرا. كيف استطاع بنكيران أن يعرف اتجاه الرأي العام حول حكومته؟ من أوحى له بأن حكومته مازالت تنال ثقة الشعب؟ لكن تبين أن بنكيران لا يفرق بين استطلاعات الرأي التي تعتمد قوالب علمية وبين الاستفتاءات التي تجريها المواقع الإلكترونية وخصوصا تلك المرتبطة بالحزب الحاكم، حيث جند الحزب خلايا وتمويلات من أجل هذه المعارك. ولا عبرة إذن باستفتاء للرأي لا يخضع للمعايير العلمية. فما سماه بنكيران باستطلاعات الرأي التي مازالت تمنحه الثقة فهو مجرد قيام بنكيران بشكر نفسه.