يبدو أن تلكؤ حكومة بنكيران في الإصلاحات التي وعدت بها المنتظم الدولي، وعلى رأسه صندوق النقد الدولي، أكثر من وعدها للمواطنين و"قايضته" بها وهو يمنحها الخط الائتماني الوقائي جعلتها في وضعية أصعب مما كانت عليه قبل الواحد والثلاثين من يوليوز الأخير تجاه هذه المؤسسة المالية ذات الضغط المتعدد. وقالت مصادر مطلعة إن قرار صندوق النقد الدولي بشأن الخط الائتماني في الطريق إلى الخروج إلى الوجود وإن حكومة بنكيران إن تجد نفسها في ورطة أمام صندوق النقد الدولي الذي طالبها أكثر من مرة ببداية إصلاح صندوق المقاصة بالحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية لضمان الموارد المالية التي يستطيع بواسطتها صندوق النقد الدولي استرجاع "قرض" الخط الائتماني الموضوع رهن إشارة المغرب بفوائد. وكانت الدعوة الأولى إلى الإصلاح من دون أن يتم هذا الإصلاح، تمت في دجنبر الأخير خلال الزيارة التفقدية الأولى لبعثة التفتيش التابعة للنقد الدولي إلى المغرب حين نبهته بالعجز في الميزانية وبالاستنزاف الذي كان يعاني منه حينها احتياطي المغرب من العملة الصعبة، وهو تنبيه جاء صارما على الرغم من عبارات الثناء على حكومة بنكيران، فيما كان التحذير الثاني مباشرا على لسان كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي التي طالبت الحكومة مباشرة بضرورة بداية إصلاح صندوق المقاصة ومنه إصلاح المنظومة الاقتصادية المغربية قبل التدخل لسحب هذا الخط أو اتخاذ إجراءات مالية تأديبية تزيد من أضرار المغرب، وكان ذلك من خلال الرسالة الصوتية المرئية التي شاركت بها لاغارد في المناظرة الوطنية حول الجبايات متم أبريل الأخير، فيما كان التحذير الثالث من صندوق النقد الدولي إلى حكومة بنكيران، بصدد الخط الائتماني الوقائي وعلاقته بضرورة إصلاح المنظومة الاقتصادية المغربية واضحا في تقرير صندوق لاغارد في أعقاب "زيارة التفتيش" الأخيرة لبعثة هذا الصندوق في أواخر شهر ماي الأخير، وكان من تحذيراته ضرورة الاعتناء بالعجز الحاصل على مستوى الميزانية والسير السلبي لاحتياطي المغرب من العملة الصعبة في منحى تنازلي أضف إلى ذلك المستوى العام لمناخ الأعمال والحالة التي توجد عليها المالية العمومية. وعلى الرغم من الخطة التي أعلنت انتهاجها حكومة بنكيران قبل شهر ونيف من الآن والقاضية بعزمها تخفيض الدعم للسلع بنسبة 20 في المائة في إطار إصلاح المقاصة في 2013، وكانت مجرد خطة استباقية للحيلولة دون سحب صندوق النقد الدولي للخط الائتماني الذي قدمه للمغرب بفوائد مائوية وشروط، فإن صندوق النقد الدولي يبني قراره الذي سيتم اتخاذه في هذه الأيام بصدد الإبقاء على الخط الائتماني الوقائي الممنوح للمغرب، (يبنيه) على عجز الميزانية الذي بلغ عند متم يونيو الأخير إلى 34.4 مليار درهم في الوقت الذي تطالب فيه لاغارد والصندوق الذي تديره بتخفيض هذا العجز إلى أقل من 33.7 مليار درهم في الأقصى عند متم أكتوبر المقبل وهو تحد كبير تركبه حكومة بنكيران حيث يصعب عليها، حسب أخصائيين، التقليص من هذا العجز في ظل الظرفية الاقتصادية الحالية لغالبية شركاء المغرب التي تتميز بالركود، في الوقت الذي تتميز فيه كذلك الظرفية الداخلية بالانكماش المقرون بتراجع الطلب على الاستهلاك الداخلي وتصرر العديد من القطاعات نمن تداعيات الأزمة. وإذا كان إعلان الحكومة تخفيض الدعم للسلع بما يناهز خمسة ملايير دولار ارتباطا بأسعار السوق العالمية في ما تبقى من هذه السنة 2013، للحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية قرار فيه شيء من الاحتيال على صندوق النقد بهدف عدم سحب الخط الائتماني المالي الموضوع رهن إشارة المغرب بشروط، أولها الحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية المبنية على رفع الطلب على الاستهلاك الداخلي فإن مصادر متطابقة أكدت أن المغرب في الطريق إلى فقدان هدا الخط الائتماني المنوح من صندوق النقد الدولي، وذلك بناء على الإخلال الكبير بالوعود المقدمة إلى هذا الصندوق على الرغم من وسائل الحيلولة التي بادرت إليها دون فقدان هذا الخط. ويبدو أن حكومة بنكيران أصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما؛ أولهما الرفع من عائدات الأسفار والسياحة ومن عائدات مغاربة الخارج وهو ما لا يمكن تحقيقه في الظرفية الاقتصادية الدولية الحالية خاصة لدى شركاء المملكة وزبنائها في منطقة اليورو الذين يشكلون المورد الأساسي لتحسين مستوى احتياطي المغرب من العملة الصعبة مع إعادة النظر في حجم الاستهلاك الوطني المبني على المواد المستوردة أكثر منها من المواد المحلية، أما ثاني الحلول والذي يبقى تنفيذه الأقرب إلى حكومة بنكيران بهدف تعويض تقليص 20 في المائة من الدعم المخصص للمواد الأساسية المتمثلة في المحروقات في علاقتها مع المواد النفطية بالإضافة إلى غاز البوطان ومادة السكر وهي المواد التي كانت كلفت الدولة عبر صندوق المقاصة 53.369 مليار درهم في 2012 مرتفعة بواقع قرابة 11 في المائة عما كانت عليه في2011 ومنها 32.4 مليار درهم إجمالي دعم المواد النفطية و15.8 مليار درهم لدعم مادة الغاز بوتان، فيما كان دعم مادة السكر بلغ 5 ملايير درهم.