دعا عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب في تقريره المرفوع إلى الملك محمد السادس، أول أمس الأربعاء، إلى ضرورة مراجعة سياسة الدعم وإصلاح أنظمة التقاعد والنظام الجبائي والإطار التنظيمي لقانون المالية باعتبارها أهم التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني بهدف استعادة التوازنات الماكرو اقتصادية وضمان استدامة المالية العمومية، وهي التحديات التي تقتضي تسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات وتوسيع نطاقها، في إطار تفعيل الدستور واستكمال المشاريع المهيكلة التي تم إطلاقها في السنوات الأخيرة. وذهب الجواهري في تقريره المرفوع إلى الملك، فيما يخص سوق التشغيل، إلى أن معدل البطالة استقر في نسبة 9 في المائة، وإن كان عدد مناصب الشغل الصافية التي تم إحداثها ضئيلة، مبرزا أن سنة 2012 اتسمت بوضعية صعبة سواء بالنسبة للمالية العمومية أو على مستوى ميزان الأداءات، بحيث واصل عجز الميزانية منحاه التصاعدي ليبلغ 7.6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي بفعل ارتفاع النفقات لاسيما تكاليف المقاصة، فيما تدهور الحساب الجاري من جديد ليصل عجزه إلى 10 في المائة، مما ترتب عنه تقلص احتياطيات المغرب من العملة الأجنبية. وفي معرض كلمته بين يدي جلالة الملك، أكد الجواهري أن الاقتصاد الوطني سجل في سنة 2012 نموا قدره 2.7 بالمائة، وذلك في سياق تميز بركود اقتصادي عالمي وظروف مناخية داخلية غير مواتية، مشددا على أن هذا النمو مرده بالأساس إلى أداء قطاع الخدمات والارتفاع النسبي للطلب الداخلي بفضل السياسة المالية التوسعية والتطور المعتدل للتضخم، في وقت لم يتجاوز فيه معدل التضخم 1.3% على الرغم من الزيادة في أسعار الوقود في شهر يونيو 2012. وبالنسبة للسياسة النقدية، أوضح والي بنك المغرب أن البنك، وفي ظل غياب الضغوط التضخمية وتباطؤ النشاط الاقتصادي ووتيرة نمو القروض البنكية، واصل نهج سياسة تيسيرية تميزت على الخصوص بخفض معدل الفائدة الرئيسي إلى 3 في المائة ونسبة الاحتياطي الإلزامي إلى 4 في المائة، مع الاستمرار في ملاءمة حجم تدخلاته مع احتياجات السوق من السيولة. كما عمل البنك المركزي، يضيف الجواهري، على تحديث القواعد الاحترازية المنظمة للقطاع البنكي الوطني تماشيا مع ما تقتضيه المعايير الدولية. وأكد الجواهري أن المغرب، على الرغم من الظرفية الصعبة، حافظ على ثقة الشركاء والمستثمرين، كما تشهد على ذلك استفادته من خط الوقاية والسيولة لصندوق النقد الدولي والشروط المتميزة للاقتراضين الأخيرين للخزينة في السوق الدولية، مبرزا أن الفضل في ذلك يعود في المقام الأول إلى ما أطلقه جلالة الملك من مبادرات سياسية وإصلاحات مؤسساتية، والتي تعززت في سنة 2011 بالمراجعة الدستورية التي رسخت الخيار الديمقراطي للمملكة. وشدد الجواهري في هذا الإطار، أن المكتسبات السياسية التي حققها المغرب في مناخ إقليمي مضطرب، والتي ما فتئت تحظى بإشادة المجتمع الدولي، تستلزم، للحفاظ عليها وتعزيزها، تقدما اقتصاديا ملموسا من شأنه تحسين مستوى عيش الساكنة التي انخرطت وراء جلالة الملك لإنجاح التطور السياسي المتميز الذي أراده جلالته للمملكة. ولأجل ذلك، يضيف الجواهري، يتحتم على جميع الفاعلين، لاسيما في الظرفية الراهنة، أن يتعبأوا خدمة للمصلحة العليا للوطن. وكان الملك محمد السادس، استقبل أول أمس الأربعاء بالقصر الملكي بالرباط، عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، الذي رفع إلى جلالته التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2012.