الإخوان والوطن لم تكن عبارة الإخوان لا يؤمنون بالأوطان مجانبة للصواب؛ فالأحداث الأخيرة بينت أن الحركات الإسلامية المرتبطة تنظيميا بالتنظيم الدولي للإخوان أو استمدت أفكارها منهم أو المتحالفة معهم لم تكلف نفسها عناء معرفة ما وقع ويقع في مصر ولكن انتصرت لأخيها الظالم. وبينت الأحداث أن مصلحة الإخوان فوق كل اعتبار وهي أعلى من مصلحة الوطن إن كانت مصلحة الوطن موجودة كمفهوم في وعيهم. فالإخوان لا يؤمنون بالأوطان لأن الحركة الأم تأسست على أساس استعادة الخلافة العثمانية الضائعة، والنظام الذي قام على أنقاضها هو نظام قومي أراد الحفاظ على حدود تركيا كوطن، وناهضت الحركات الإسلامية الوطن وسمته الوثن، ولما قبلت به فمن أجل تأسيس الدولة الإسلامية القطرية الممهدة لإعلان الدولة الإسلامية العالمية، ولهذا تضامنت كل هذه الحركات مع الرئيس المعزول محمد مرسي، معتمدة على الشرعية الانتخابية وضدا في الشرعية الديمقراطية. وتصر الحركات الإخوانية على التمسك بالشرعية الانتخابية أي شرعية الصندوق بدل الشرعية الديمقراطية، وهذه الأخيرة تحميها مؤسسات الدولة القائمة، وهي تختلف من بلد إلى آخر، لكن هذه الحركات رفضت كل تدخل تأميني ووقائي لأنها لا تؤمن أصلا بالدولة، وكل فكر الإخوان ومن والاهم يصلح لما بعد الدولة أي مرحلة الفوضى. فما معنى أن يخرج الإخوان في المغرب لسب وشتم دول ترتبط بعلاقات استراتيجية مع المغرب فقط لأنها ساندت التحولات الأخيرة في مصر؟ ومصلحة المغرب توجد مع هذه الدول، المصلحة السياسية والجيوسياسية والاقتصادية. فلو كان الإخوان يؤمنون بالوطن والدولة سيحتفظون بخلافاتهم مع هذه الدول لكن سيرفعون مصلحة البلد فوق مصلحة الإخوان المسلمين. لأن مرسي يمثل رمزا للحركات الإخوانية والإسلامية فإنها داست بأقدامها على مصلحة الوطن وعلى علاقاته الاستراتيجية من باب نصرة الأخ ظالما أو مظلوما وهو ظالم في هذه الحالة. ولو كان الإخوان المسلمون يؤمنون بالوطن لما هدد كبيرهم بإحراق مصر. ولو كانوا يؤمنون بالأوطان لما هدد الرئيس المعزول مرسي بإدخال 20 مليون مصري إلى السجن كما جاء في خطاب "الوداع". ولو كانوا يؤمنون بالوطن سيصبرون على المحنة حتى لو كانوا مظلومين ويرفعون شعار السلمية مهما كلف من ثمن. ولو كانوا يؤمنون بالوطن لما أعدوا المليشيات للحرب الأهلية التي هي نقيض للوطن ومرادف للتوحش والوحشية. وكشفت التطورات الأخيرة في مصر عن أن الإخوان سواء من الجماعة الأم في مصر أو في حماس لا يعترفون بالوطن. وحركة حماس نموذج بشع من الإخوان المسلمين لفكرة "ضد الوطن" وتسببت في قتل الاسم التاريخي فلسطين. وبدل الحديث اليوم عن السلطة الفلسطينية يتم الحديث عن حكومة غزة المقالة وعن حكومة رام الله. وتبين أن مأساة الشعب الفلسطيني استغلها الإخوان من الجانبين قصد ممارسة حركة تهريب واسعة النطاق صنعت اقتصادا هشا انهار مباشرة بعد إزاحة مرسي فأدخلت الشعب الفلسطيني في غزة في نفق المجاعة. هؤلاء هم الإخوان لا يؤمنون بالأوطان وولاؤهم للجماعة الأم والتنظيم الدولي