ليس التشكيك في اللجنة الاستشارية لصياغة الدستور مجرد خطإ يمكن ارتكابه في كل الأخبار. لأن الزعم بوجود لجنة من محيط الملك هي التي كان لها القول الفصل فيما جرى، يعني شيئا واحدا أن الدستور المغربي الجديد، الذي صادق عليه المغاربة يوم فاتح يوليوز 2011 ، ليس سوى خديعة مورست على الشعب المغربي وبالتالي لا مجال للحديث عن استثناء مغربي في التعاطي مع الحراك الشعبي، وهي دعوة وتحريض للعودة إلى مربع الصفر، مربع إحداث الفوضى الذي تحول إلى خريف للقتل والتدمير والفوضى، ونماذجه ماثلة للعيان في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا. إن ادعاء وجود لجينة من محيط الملك هي التي أملت فصول الدستور وفصلته على مقاسها، اتهام صريح لزعماء الأحزاب السياسية وقادة المنظمات النقابية وممثلي المجتمع المدني، المنخرطين في الآلية السياسية للمتابعة وتبادل الرأي بشأن مراجعة الدستور، واتهام للأطر القانونية والدستورية وفقهاء الدستور والمناضلين الحقوقيين، الذين شكلوا اللجنة الاستشارية لصياغة الدستور برئاسة عبد اللطيف المنوني، المناضل الاتحادي أيام سنوات الرصاص وزعيم تيار المنونيين، (اتهام) كل هؤلاء بالغباء وبأنهم انطلت عليهم الحيلة. وما معنى نشر خبر يشكك في مسار إنتاج الدستور ويتحدث عن مصادر موثوقة وليس مشكوكا فيها أو بصيغة الخبر غير المؤكد؟ ليس له سوى معنى واحد هو أن الدستور المغربي الجديد مفبرك جاء لتهدئة الأوضاع. وما هي نتيجة خلاصة مثل هاته؟ هي القول إن النخب المغربية "تقولبت" وابتلعت الطعم، وبالتالي فإن الدستور الذي تم وصفه بالثوري ليس سوى خديعة لمرور بسلام من ربيع الأعراب، ومن ثمة فإن الهدف هو التحريض على الفوضى من جديد. والتحريض على الفوضى خدمة لأجندات تلاقت مصالحها، وخدمة لجهات في حزب العدالة والتنمية الحاكم وصيغ سياسية تقدم تسهيلات باسم الحكومة لتوجهات إخوانية ووهابية.