عين الملك محمد السادس عبد اللطيف المنوني، رئيس اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، مستشارا له، وكان المراقبون ينتظرون تعيين المنوني في منصب هام بعدما أبان عنه من مهارات عالية في تدبير الاختلاف بين الفرقاء السياسيين فيما يتعلق بالتعديل الدستوري، وأكد للجميع أنه رجل التوافقات بامتياز لدرجة الإشراف على دستور مصحوب بالضجيج والتناقضات والشذ والجذب. ويرى المراقبون ، أن تعيين الملك للمنوني مستشارا له ليس تشريفا وإنما تكليفا جديدا بمهام جديدة ويحمل أتعاب وأثقال جديدة تتعلق بمرافقة ومواكبة تنزيل مضامين الدستور الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ السبت الماضي بعد نشر مضامينه في الجريدة الرسمية، إن هذا التعيين ليس تعويضا عن تعب ثلاثة أشهر قضاها المنوني يقظا وحذرا من أن يخرج هذا المولود غير معبر عن اللحظة التاريخية التي يعيشها المغرب، وإنما هذا التعيين اكتشاف جديد للمنوني الفقيه الدستوري الذي خصص أكثر من أربعين سنة للدراسات الدستورية. والدستور الجديد محتاج للمواكبة وفك نصوصه المجملة كما هي طبيعة النصوص المؤطرة لحياة المجتمعات السياسية، وكان لابد لها من مفتاح وآلة لكشف مغاليقه من حيث هو نصا حاملا لمعاني كثيرة تؤطرلا الحياة السياسية والاجتماعية للمغاربة. وأبدى المنوني خلال مراحل حياته الفكرية والسياسية رزانة غير معهودة في جيل طابعه الرئيس هو الثورة حيث ترأس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب يوم كان منظمة لإنتاج الثوار وكانت الثورة هي الموضة لكن المنوني رغم وجوده وسط هذا الموج الهادر ظل هادئا يقول مع ذاته إن الثورة مسار تطورات وتحولات وليس رغبة من مجموعة بشرية غير راضية عن الأوضاع ، وبدل أن يقود الثورة ضد الحسن الثاني قاد الثورة مع محمد السادس، ولم يفقد المنوني لا هيبته كزعيم تيار المنونيين داخل الاتحاد الاشتراكي رغم المؤامرات المتتالية ولم يخسر توازنه كرجل علم باحث في مكنونات الفقه الدستوري. والمنوني حاصل على الإجازة في القانون ، شعبة القانون العام والعلوم السياسية سنة 1965، وعلى دبلوم الدراسات العليا في القانون العام سنة 1970، وعلى دكتوراه الدولة في القانون العام بجامعة غرونوبل بفرنسا سنة 1975. وهو أستاذ بكلية الحقوق بالرباط منذ سنة 1969 . وكان المنوني عضوا بالمجلس الدستوري خلال الفترة (1994- 2008)، وبهيئة الإنصاف والمصالحة (2004-2006)، وباللجنة الاستشارية للجهوية. ويمثل المنوني، الذي تولى رئاسة الجمعية المغربية للقانون الدستوري منذ تأسيسها سنة 1994 إلى سنة 2008 ، المغرب منذ سنة 2008 في اللجنة الأوروبية من أجل الديمقراطية عن طريق القانون. وشارك عبد اللطيف المنوني، عضو اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية للقانون الدستوري (2002- 2005) والعضو المؤسس لجمعية القانونيين المغاربيين، سنة 2001 في أشغال اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور بمملكة البحرين. إن ما راكمه المنوني من تجارب وخبرات في المجال الدستوري كفيلة بأن تجعل منه رجل المرحلة ورجل الدستور الجديد، لأن كل نص مجمل لابد له من فقيه يفتي في نوازله.