أدان الحزب الشيوعي الفرنسي ما أسماه المحاكمة "غير العادلة" للصحراويين السجناء المعروفين بمجموعة اكديم إزيك من قبل المحكمة العسكرية للرباط. مؤسف أن يسقط حزب عريق مثل الحزب الشيوعي الفرنسي في مطب مثل هذا، حيث ظهر الشيوعيون الفرنسيون "أور جوه" في هذه القضية، وأبان عن انحيازه لأطروحة الانفصاليين من جبهة البوليساريو، في الوقت الذي كان مفروضا فيه أن يكون حياديا ويبحث في الموضوع ويبعث مراقبين حزبيين إلى المحاكمة كما فعلت الكثير من الجمعيات والمؤسسات، إذ بلغ عدد المراقبين الدوليين الذين حضروا المحاكمة 52 مراقبا أجنبيا و25 مراقبا وطنيا. وأصر الحزب الشيوعي الفرنسي على أن المحاكمة غير عادلة، وهو استثناء غريب، والاستثناء لا حكم له ولا يقاس عليه مثله مثل الشاذ، إذ هذا الموقف لم يتبنه أحد سوى حكام الجزائر وجبهة البوليساريو ورئاسة الجمهورية الصحراوية الافتراضية والحزب الشيوعي الفرنسي، في حين فضلت أحزاب أخرى ورغم عدائها للمغرب السكوت، لأن المراقبين الدوليين والإعلاميين الذين تابعوا أطوار المحاكمة شهدوا بإجماع على عدالة هذه المحاكمة. ولنقارن بين موقف الشيوعيين الفرنسيين غير المتخصصين في مراقبة المحاكمات وموقف منظمة أمريكية متخصصة، حيث أشادت منظمة "ليديرشيب كاونسيل فور هيومن رايتس"٬ إحدى المنظمات الرئيسية لحقوق الإنسان٬ التي تتابع عن قرب محاكمة المتهمين في أحداث أكديم إيزيك٬ ب"التزام المغرب بتعزيز دولة الحق والقانون". وشددت المنظمة على التزام السلطات المغربية باحترام سمو القانون والحفاظ على كرامة وحرية المواطنين في التعبير٬ تماشيا مع روح الإصلاحات الديمقراطية، التي انخرطت فيها المملكة، خلال السنوات الأخيرة٬ تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس. ووجهت "ليديرشيب كاونسيل فور هيومن رايتس" نداء إلى منظمات حقوق الإنسان "للتعامل بموضوعية والتعاطف مع أسر أفراد قوات الأمن، الذين قتلوا خلال هذا الحادث". وأظهر الحزب الشيوعي الفرنسي ضعفا كبيرا في فهم التحولات الجيوستراتيجية، حيث أصر على ما أسماه حق الشعوب في تقرير مصيرها وفقا للشرعية الدولية ولميثاق الأممالمتحدة في إشارة إلى مطالب البوليساريو التي اعترفت الأممالمتحدة بأن خيار الانفصال لم يعد مطروحا، في الوقت الذي لقي المقترح المغربي بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا ترحيبا دوليا. فتقرير المصير ليس مفهوما جامدا جمود الحزب الستاليني، ولم يتغير هذا الحزب إلا بتمسكه بالستالينية وقد يتخذ أبعادا أخرى وأهمها اليوم مشروع الحكم الذاتي.