في سابقة خطيرة وغير مسبوقة طالب منتدى الكرامة الذي أسسه مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، قبل أن يسلم مشعله لرفيقه عبد العالي حامي الدين بالبراءة لمعتقلي أحداث اكديم إيزيك، بدعوى أن التهم غير ثابتة في حقهم، وذهب المحامي الماروري الذي يترافع باسم المنتدى عن المعتقلين من المحكمة بإخلاء سبيل كافة المعتقلين إذا لم تكن هناك أدلة ثابتة، موضحا أن ما عاينته هيئة الدفاع ليست أدلة. وبقدر ما بدا موقف منتدى الكرامة مفاجئا، بقدر ما يبين مستوى الانحطاط الأخلاقي والحقوقي الذي وصله المغرب، ففيما تجند كثير من المراقبين الدوليين للتأكيد على شرعية المحاكمة، وعدالة القضية، ودافعوا عن حق الضحايا وعائلاتهم، تجندت جمعيات حقوقية ومن بينها منتدى الكرامة الذي يدين بالولاء لرئيس الحكومة، ولوزيره في العدل، لدحض الرواية الرسمية، والتجريح في محاضر الضابطة القضائية، مع أن الجميع تابع مواقف المعتقلين أنفسهم الذين كانوا يرددون شعارات مؤيدة للانفصاليين. لقد سجل حامي الدين مرة أخرى حضوره الهجين، في مواجهة القانون، وساند القتلة والمجرمين بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان، كما ساند المنتدى من قبل السلفيين، وكثير ممن تلطخت أياديهم بدماء المغاربة الأبرياء، كل ذلك ضدا على مشاعر المواطنين، وحبذا لو أن حامي الدين ومن معه، تنازلوا ولو إلى حين واستمعوا إلى عائلات ضحايا اكديم إيزيك ووقفوا على فظاعة ما ارْتكب من أفعال، كيف يمكن لمحام أن يطلب من المحكمة إطلاق سراح أشخاص ثبت في حقهم مشاركتهم وتواطؤهم في قتل الأبرياء والتنكيل بهم، أم أنها سياسة الكيل بمكيالين التي ينهجها الحزب الحاكم، فهو من جهة مع القانون، ويحمي على المستوى الرسمي، ومن جهة أخرى يطلق أيدي المنتسبين إليه والجمعيات التي أنشأها في كل واد وسهل لضرب مؤسسات الدولة، والسباحة ضد التيار. لقد كانت مواقف بعض الجمعيات الحقوقية المغربية مخجلة، ومشينة، ليس فقط لأنها وقفت في صف المعتدين، وطالبت بإطلاق سراحهم، ولكن أكثر من ذلك لأنها تجاهلت دماء الضحايا، الذين كانوا يقومون بالواجب، وانبرت تبحث للمتهمين عن الأدلة التي تبرئ ساحتهم، ووصل الأمر حد اتهام القاضي بعدم الحياذ مع أن كل الوقائع والأحداث أكدت أن المتهمين أخذوا حقهم في الكلام، وجاهروا بميولاتهم السياسية دون أن يمسهم سوء، بل استفادوا من حق المحاكمة العادلة وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية. هل كان حامي الدين يمني النفس بالإفراج عن المتهمين، طبعا تلك أمانيهم، التي قد لا تتناغم مع روح القانون، الذي أصدر في النهاية أحكاما اعتبرها جل المراقبين عادلة ومنصفة، حتى وإن اعتبرتها عائلات الضحايا غير عادلة، ولم تنصف ذويها وشهدائها الذين راحوا ضحايا الواجب الوطني، فمتى يفهم حامي الدين أن القانون سلطة لا تعلو فوقها أي سلطة أخرى مهما بلغت سطوتها؟