شد بنكيران انتباه المشاهدين والمستمعين والمهتمين مساء أول أمس الأربعاء، شد انتباههم وهو يتكلم مباشرة على الهواء من خلال منصة مجلس المستشارين، شد انتباههم لأن الموضوع الذي كان يناقشه يهم كل المغاربة الذين ينتظرون تقاعدا في نهاية الخدمة، كانوا ينتظرون ما ستجود به قريحة رئيس الحكومة الذي عودنا على حل كل المشاكل بطريقته الخاصة، وهي طريقة تقول الضلع الذي لا تستطيع تقويمه فمن الأحسن أن تكسره، وهو ما يقوم به بنكيران. لقد كان المهتمون ينتظرون من بنكيران أن يأتي بحلول جذرية لصناديق التقاعد حتى تخرج من الأزمة التي وجدت نفسها فيها، وطمأنة المغاربة على أنهم سيتقاضون معاشاتهم بعد إحالتهم على التقاعد، لكن المفاجأة كانت كبيرة، فبنكيران وضعنا أمام خيارين أحلاهما مر. فبنكيران يريد أن غير ذات الشوكة تكون له. كلما وجد رئيس الحكومة نفسه في ورطة توجه إلى المواطن المغلوب على أمره، حيث يتخذ إجراءات كارثية ويقول إنها لمصلحة الفقراء، كالزيادة في أسعار المحروقات، ونذكر جميعا أن بنكيران جاء منتفخا إلى التلفيزيون يتحدث عن قراره الجريء بالزيادة في أسعار المحروقات. ولأن الحكومة تعتمد حساب الخشيبات فإنها تلجأ للضرائب والزيادات لحل المشاكل، وهذه طريقة خطيرة في معالجة المشاكل، بدل البحث عن حلول جذرية لا تتم إلا عن طريق التفكير في الاستثمار الحقيقي. ولأن حكومة بنكيران هي حكومة الزيادات فقد فاجأ بنكيران الموظفين والعاملين بما اختزنه مدة سنة كاملة. لقد قرر بنكيران ومن أجل إصلاح نظام التقاعد الزيادة. ليس في معاشات المتقاعدين الذين يحصلون على مبالغ مهينة للكرامة الإنسانية. ولكن الزيادة في الاقتطاعات والزيادة في سن الحصول على التقاعد. لقد تبين أن بنكيران لا يريد الراحة والسعادة للمغاربة. فهو لا يريدهم أن يركبوا السيارات الخاصة ولا يأكلوا الحلويات لأن السكر مخصص للشاي. وهو لا يريدهم أيضا أن يرتاحوا بعد عمر مديد من العمل، فهو يقترح مبادرة جيدة "من العمل للقبر"، ويتمنى أن يموت المغاربة باكرا حتى لا يضر لأداء معاشات "الشراف" من المواطنين الذين بنوا البلاد بعرقهم. لقد صدق من سمى هذه الحكومة حكومة الزيادات. زيادات في أسعار المحروقات أعقبتها زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية باستثناء "لي بنان" حسب تعبير بنكيران. زيادات في العديد من الرسوم ومن تحت الطاولة كرسوم إجراء الفحوص الطبية للمرشحين لاجتياز اختبار السياقة. زيادات في الضرائب وبأنواع مختلفة. والآن زيادات في الاقتطاعات وفي سن التقاعد. إذا كان لهذه الحكومة من حسنة فهي واحدة. لقد بينت لنا الوجه الحقيقي للأحزاب الدينية التي ليست سوى نازيات متجددة تحوم حول الديمقراطية حتى تقع فيها، ولما تصل إلى الحكم أو الحكومة تنقلب رأسا على عقب.