القرارات الشجاعة تحتاج الممارسة السياسية إلى القرارات السياسية الشجاعة والجريئة، إبداعا وإنجازا، ويتذكر المغاربة قرارات شجاعة من قبيل تشكيل حكومة التناوب والقبول بالمشاركة فيها، وتشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة، وهذه نماذج فقط وإلا فهناك قرارات كثيرة تعتبر شجاعة. ولا يكون القرار شجاعا حتى تكون الفكرة الجريئة. وعبثا أن يتحدث البعض اليوم عن قرارات شجاعة دون وجود أفكار يمكن اعتبارها جريئة ويتم طرحها لأول مرة. لقد أكثر مناضلو العدالة والتنمية، سواء في القيادة أو القاعدة أو في وسائل الإعلام وفي إعلام الطبالجية، الحديث عن القرارات الشجاعة التي اتخذها بنكيران، واصفين إياها بأنها القرارات التي عجزت الحكومات السابقة عن الدخول إليها، مدللين على ذلك بلائحة مأذونيات النقل ولائحة المقالع والزيادة في أسعار المحروقات وإلغاء التوظيف المباشر. كيف يمكن اعتبار مثل هذه القرارات شجاعة؟ فبعدما أصدر محمد مرسي، رئيس مصر، الإعلان الدستوري الذي يمنحه صلاحيات مطلقة يحتكر فيها سلطات التنفيذ والتشريع والقضاء، ويشعل النار في مصر يخرج آلاف الإخوانييين إلى شوارع مصر تأييدا له ويعتبرون ما قام به قرارات شجاعة، وأيده الإخوانيون بالمغرب واعتبروا قراراته شجاعة وأن الذين يخرجون إلى الشارع هم فقط من فلول النظام السابق حتى لو كان فيهم الناصري حمدين صباحي الذي كان يواجه مبارك يوم كانوا يعقدون معه الصفقات. هذه ليست شجاعة إنها ضربة الجبان. ومعروف أن ضربة الجبان خطيرة جدا لأنها تأتي على غفلة من الجميع. فقرارات مرسي الشجاعة هي اقتراض أربعة ملايير دولار وضرب الأنفاق شريان الحياة لسكان غزة المحاصرة والمواقفة على وجود قوات أمريكية في سيناء ووضع رادارات لمراقبة وصول السلاح للمقاومة الفلسطينية. كل هذا الجبن والإذلال الذي وصلت إليه مصر ولم يفعله لا السادات ولا مبارك أصبح شجاعة. وفي المغرب حيث التلاميذ النجباء لمدرسة الإخوان المسلمين يسمون قرارات تافهة بالقرارات الشجاعة. أين مكمن الشجاعة في نشر لوائح كريمات معروفة عند الكورتية؟ أين الشجاعة في نشر لوائح المقالع التي جاءت مثل الطلاسم؟ لكن ما لا يمكن استساغته هو وصف الزيادة في أسعار المحروقات بأنه قرار شجاع. قرار يضرب القدرة الشرائية للمواطن ويثقل كاهله وينغص عليه حياته يسمى قرارا شجاعا. لا نريد رئيسا للحكومة شجاعا ولنا من يجسد الشجاعة في حماية الوطن تضحية بالغالي والنفيس، ولكن نريد رئيس حكومة يحسن تسيير الشأن العام ويخفف عنا الأزمة، لا يصب عليها الزيت. أما القرار الآخر الذي سمي شجاعا فهو إلغاء التوظيف المباشر، من المعقول أن يتم توظيف الجميع عبر الاختبارات، لكن القرار الشجاع كما سمته الحكومة ليس سوى انتهازية حيث أن أولاد العدالة والتنمية مازالوا يحتفظون بصور البكاء مع العاطلين والدفاع عن حقهم في التوظيف المباشر. القرارات الشجاعة التي يتحدث عنها الحزب الأغلبي ليست سوى ممارسة ملتبسة للجبن وتغول على المجتمع والأحزاب.