لجأ مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، إلى نقابة مهنية من أجل الدفاع عن دفتر تحملات القناة الثانية الذي يهدد بتفجير الأوضاع في البلاد، وعقد الخلفي اجتماعا أول أمس الأربعاء مع رئيس النقابة المذكورة، التي يقتصر عملها على الدفاع عن حقوق العاملين ومصالحهم المادية، وليس التدخل في ملف هو من صميم عمل الصحافي، موضحة أن الخلفي يسعى إلى خلق جبهة مضادة داخل القناة الثانية من خلال تجييش نقابة مهنية، وحمل رئيسها على معاكسة توجهات المهنيين. وقالت المصادر إن رئيس النقابة المذكورة، هاجم مسؤولي القناة الثانية دون أن يستشير أحدا، متسائلة عن الأهداف التي يسعى إليها الخلفي ومن ورائه حزب العدالة والتنمية، الذي كشف، تضيف المصادر ذاتها، عن وجهه الحقيقي ورغبته في أسلمة المجتمع المغربي، وتدجينه في انتظار التحكم في جميع جوانبه الحياتية. وأوضحت المصادر ذاتها، أن نقابة المستخدمين تعتبر آخر ورقة يمكن أن يلعب بها الخلفي، مشيرة إلى أن وزارة الاتصال تصرفت وكأنها لوحدها في الساحة، حيث اعتمدت سياسة الإملاءات. في السياق نفسه، قال نعيم كمال الحكيم السابق في الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري، إن الخلفي تجاهل المادة 49 من قانون الاتصال التي تعهد للحكومة بمهمة إنجاز دفاتر التحملات وفضل الاشتغال في السرية، موضحا أن وزارة الاتصال أخلت بالقانون ولم تطرح الدفاتر للنقاش داخل الحكومة خصوصا وأنها حكومة ائتلافية، كما لم يأخذ بعين الاعتبار الرأي الآخر، وبهذا لا تعدو المقاربة التشاركية أن تكون مجرد مناورة. وأضاف كمال، أن الخلفي اعتمد مبدأ الكم على حساب النوع، وتحول من وزير مسؤول عن القطاع، إلى مدير ومسؤول على البرامج متدخلا في طريقة البرمجة والمواعيد وغيرها من التفاصيل والجزئيات، مشددا على أن دفاتر التحملات تعبير عن توجه عام وتأطير لأخلاقيات وضمان لتعدد الأفكار والمذاهب ليس إلا، كما شن كمال الحرب على الهاكا متهما إياها بمهادنة الإسلاميين، مشددا على أن الظهير المؤسس للهيئة، مبني على مبدإ حرية خط التحرير، حيث إن قرارات الهيئة منذ تنصيبها أسست على هذا المبدأ ورفضت دوما التدخل فيما هو تسييري أو برمجي من أي جهة كانت. وكان عدد من المتدخلين في مجال الإعلام البصري قد تحركوا ضد محاولات أسلمة القناة الثانية، وتحويلها إلى ذراع إعلامي للعدالة والتنمية، حيث أكد فيصل العريشي مدير القطب العمومي على ضرورة احترام مبدأ استقلالية الإعلام العمومي عن التأثير السياسي، حيث اعتبرها مسألة أساسية، ومبدأ لا يمكن التفريط فيه، مشيرا إلى أن الإعلام العمومي لا يمكن أن يكون مجالا لتصريف أفكار سياسية أو حزبية، ومن المهم التركيز على أهمية استقلاليته عن السياسي وتأثيراته. وكانت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، قد انتقدت بدورها منهجية إعداد دفاتر التحملات الخاصة بالقنوات العمومية، معتبرة أنها لم تكن تشاركية كما ينبغي، وأن كل ما قام به مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة هو تعميم مذكرة علقت على الجدران طلب من خلالها مده بمقترحات وملاحظات، وقالت النقابة إن التشاور كان من المفروض أن يكون مؤسساتيا، من خلال تنظيم يوم دراسي أو ندوة أو لقاءات للوصول إلى خلاصات مشتركة لمعالجة ما كان مطروحا في الساحة الإعلامية من قبل، مبدية تخوفها من طغيان الهاجس الإيديولوجي من خلال فرض الآذان واستدعاء الفقهاء المحسوبين على العدالة والتنمية إلى بعض البرامج. من جهتها دعت منظمات وهيئات حقوقية ومدنية وأحزاب سياسية بعضها مشارك في حكومة بنكيران، إلى التكتل ضد ما أسمته سعي حزب العدالة والتنمية، إلى وضع اليد على الإعلام العمومي، في أفق الاستحقاقات المقبلة، وقال مهتمون، إن الخلفي ينفذ خطة حزبه في مجال الإعلام، وأن اختياره للقناة الثانية كحقل تجارب لم يكن بريئا بل حكمته مجموعة من الخلفيات، وأضافت المصادر ذاتها، أن إصلاح الإعلام العمومي يجب أن يتم في شموليته، وينبني على أسس حقيقية تروم تحقيق الخذمة العمومية، مشيرة إلى أن جميع الأحياء تضم أكثر من مسجد لرفع الأذان، وقالت إن ما تريده وزارة الاتصال هو تمييع النقاش السياسي، بشأن إصلاح الإعلام العمومي الذي وصفته بالمتخلف، وقالت إن الثورة الإعلامية التي تعرفه العديج من البلدان خاصة في العالم العربي، تفرض على الحكومة النظر إلى المشكل في عمقه، وأوضحت أن الحكومة تسعى إلى تجميد قطاع الإعلام ودفع ما تبقى من المغاربة إلى البحث عن قنوات أخرى بديلة. وأشارت المصادر، إلى أن على الحكومة تدبير الإعلام العمومي بتوجيهات حكومية لكن بما يضمن الاستقلالية ويمنح الفرصة للمهنيين وللصحافيين وهيآت التحرير دورا في إقرار السياسات التحريرية، وليس كما ذهبت إليه دفاتر التحملات التي جاء بها الخلفي والتي زاغت عن طريق الإصلاح، داعية إلى التصدي لهذه الجريمة النكراء التي يرتكبها بنكيران ضد الإعلام العمومي.