من الصعب أن يهضم المرء تصريحات بنكيران والرميد حول مجموعة من القضايا المرتبطة بالأمس واليوم، ومن الصعب استساغة كثير من التعبيرات التي يخرج بها رئيس الحكومة ووزير العدل في وسائل الإعلام، حتى اكتشفنا أن الرجلين يتعاملان مع التاريخ مثل تلميذ يكتب بقلم الرصاص وعندما لا تعجبه الكتابة يمحوها بالممحاة "الڭومة" وانتهى الموضوع، لكن التاريخ مسطر في كراريس مثل نقوش على الحجر، لا يمكن محوها بالسهولة التي يتعاطى بها إسلاميو العدالة والتنمية مع الذاكرة، ومشكل الحزب الإسلامي مع الذاكرة صعب تفهمها وفهمها لأنها تعتمد طريقة "الڭومة". فالرميد، عاد للحديث عن قانون الإرهاب، واعتبر، أن المشكل ليس في القانون ولكن في التطبيق، وفي هذا الموضوع هناك ما يقال حول التناقضات الخطيرة بين الرفض والقبول والعودة للرفض والعودة للقبول، فحزب العدالة والتنمية كان ضد قانون الإرهاب وبعد أحداث 16 ماي الإرهابية صوت لصالحه، وبعد مرور سبع سنوات عاد لينتقده ويطالب بإلغائه، واليوم بعد أصبح في الحكومة قال، "ماكاين مشكل" في القانون. والرميد مثله مثل بنكيران، أقام الدنيا ولم يقعدها حول أحداث 16 ماي الإرهابية، وشكك فيها وفي فاعلها، وقلنا حينها، إن المسألة انتخابية تستهدف جلب أصوات عائلات المعتقلين وأتباعهم والمتعاطفين معهم، واليوم، ها هو يمسح ما قاله، ويقول، إن الأحداث المذكورة إرهابية ولكن كانت هناك بعض التجاوزات الأمنية، هذا القول تحصيل حاصل وقد قالها جلالة الملك بكامل الشجاعة في حوار مع جريدة إسبانية ولم نكن ننتظر الرميد الذي شكك في الأحداث أن يعود إلى تكرار الكلام ذاته. في موضوع الاحتجاجات الاجتماعية هل نصدق الرميد ديال اليوم ولا الرميد ديال البارح؟ اليوم يقول الرميد، إن التظاهر حق لكن أي خرق للقانون أو احتلال للمرفق العمومي يعتبر خطا أحمر وسيواجه بقوة القانون. وبالأمس كان الرميد يخرج مع المحتجين إلى الشارع ويأخذ معهم الصور التذكارية ويسيل الدموع تضامنا معهم، وتشاجر مع البوليس من أجل أن يحتج هؤلاء في الشارع العمومي وصوره متشابكا مع القوات العمومية سارت بها الركبان الرقمية. الرميد، الذي اعتبر التاريخ مطية يركب عليها نحو المستقبل هو الذي يقول اليوم إن القضايا التاريخية من قبيل أحداث 16 ماي وملف المهدي بن بركة لا ينبغي النبش فيها، وعلينا أن نهتم بقضايا الشغل والبطالة والسكن وغيرها، وهي كلمة حق أريد بها باطلا. فلا أحد يجادل في أولوية الحاضر لكن ليس الحاضر سوى تجل للماضي، الذي يريد الرميد أن يمحوه، والحاضر هو مستقبل الماضي. فقبل 13 سنة وضع المناضل الكبير عبد الرحمن اليوسفي خمسين سنة من الجهد السياسي المعارض في خدمة الاستقرار، ولم يقل اليوسفي "ما فات فات" ولكن قال، إنه كان يؤسس لهذه اللحظة، وتلك اللحظة التي انغمس فيها اليوسفي كانت مؤسسة لما بعدها ومنها اللحظة التي تم فيها تعيين بنكيران رئيسا للحكومة واللحظة الحالية مؤسسة لما سيأتي.