كثر الجدل حول طي ملفات السلفية الجهادية، وتوزعت الآراء بين مطالب بعفو عام عن المعتقلين وبين مطالب بتقديم العفو حالة حالة، واستقبل مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، ممثلين عن عائلات المعتقلين، لكن هناك طرف مهم في القضية لم ينصت إليه أحد اليوم، ألا وهم الضحايا وعائلات الضحايا، فالإرهاب خلف أيتاما وأرامل ومعطوبين، وهم الثالث المرفوع إلى حد الساعة، فإن كان الإرهاب مس وطنا بأكمله فمعاناة الضحايا وذويهم مزدوجة. الرسالة التي نستفيدها من وجود ضحايا هو أن هناك فاعلا، مجرما، قاتلا، وهو ليس من قبيلة الإجرام العادية، فهو مجرم يتوالد مثل الحشرات القاتلة، وهي حشرات قادرة على البيات الشتوي في انتظار من "يسخن الطرح" عن طريق الفتوى والخطاب التحريضي، وهي حشرات تفهم لغة "الشفرة" وتنفذ حسب المطلوب. اليوم، وصل حزب العدالة والتنمية للحكومة وهو صاحب الأغلبية فيها وقائدها، لكن لابد من التذكير بأن الحزب الأغلبي ظل وإلى حدود الانتخابات السابقة يشكك في الأحداث الإرهابية وفي فاعلها ولم يخشى الشهود لشكه في وجودها. لكن الواقع مر، فالإرهاب واقع في الزمان والمكان، ولن ينسى العديد من البيضاويين رجل الأمن الذي عانق إرهابيين كان يتجه صوب مجموعة من المواطنين فاستشهد دفاعا عن الآخرين وقتل معه الإرهابي. هذه وقائع لا يمكن نكرانها مهما تهرب من ذلك الحزب الأغلبي الذي كان من أشد المدافعين عن التيارات السلفية، وبلغ التشكيك مبلغه، من كبيرهم إلى صغيرهم بمن فيهم رئيس الحكومة. لما استقبل الرميد وفدا عن عائلات المعتقلين، كان عليه أن يطرح سؤالين على نفسه وعلى حزبه. السؤال الأول هو، من هو صاحب الدم أو المطالب بالدم؟ فلا الرميد ولا قادة العدالة والتنمية ولا حركة التوحيد والإصلاح ولا محاضنها السفلى هم من يحق لهم أن يغفروا للمتورطين في الدم، لولي الدم أن يعفو أو لا وليس لأحد آخر غيره مهما كان، فهم اليوم طرف أساسي في العملية وأي حل للملف دونهم هو اعتداء على القانون والذاكرة. السؤال الثاني مطروح على بنكيران والرميد، ها أنتم اليوم في الحكومة وفي يدكم الملفات، خبرونا من فعل أحداث 16 ماي وغيرها، وهل المغرب اليوم في مأمن من الإرهاب وأن كل من في السجون إما أبرياء أو تابوا؟ ليعلم بنكيران ورهطه، أن الإرهاب قائم على رؤوسنا وأصبح أكثر شراسة بعد أن أصبح يستفيد من علاقته بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجبهة البوليساريو وعصابات التهريب. ملف السلفية الجهادية والإرهاب ملف معقد ومركب ولا يمكن حله في غياب الأطراف كلها وفي غياب استراتيجية وطنية للأمن بعيدة عن المزايدات الانتخابية. أمن الوطن أولا والأحزاب تغذوا وتروح. وتلك الأيام نداولها بين الناس.