ربما ما لا تعلمه الأجيال الصاعدة هو أن الملك الراحل الحسن الثاني ألقى بنفسه دروسا حسنية بنكهة فقهية وتفسيرات دينية سبحت بالحاضرين في بحر لا حدود له من المعاني المثيرة؛ فتحول من ملك إلى فقيه يلقي بدوره الدرس الحسني. ففي منتصف رمضان عام 1966 فاجأ الحسن الثاني ضيوفه وقرر أن يلقي درسه الحسني بنفسه، وبثقة نفس مذهلة لم يلجأ فيها إلى ورقة مكتوبة، حسبما ذكرت به اسبوعية "الايام" في عددها الاخير. ففي ثلاث سنوات متتالية منذ دجنبر 1966 إلى دجنبر 1968، مكث في مكانه ولم يستعن بورقة يتلو منها درسه، كما يفعل العديد من الفقهاء الذي يحضرون الدروس عادة، بل فضل أن يتحدث بسجيته وبشكل مرتجل، مفسرا الآيات القرآنية أو شارحا الحديث النبوي موضوع الدرس. وبجرأة علمية نادرة وكلام فقهي لم يخل من نكتة، تروي "الأيام"، بسط الحسن الثاني رؤيته الشخصية الجريئة وقام بتفسير الآيات والأحاديث، ورجح بين الآراء الفقهية المالكية. وتطرقت الورقية لبعض دروسه الدينية التي استفاض فيها وهو يشرح معاني حديث تغيير المنكر ومفهوم الأمانة في الإسلام، ومبدأ فصل السلطات، ويتحدث عن المقصود من تغيير المنكر باليد، ومفهومه لتغيير المنكر باللسان، ورؤيته لما سماه "الساعة السياسية والاجتماعية والأخلاقية والكونية". وكان ممن حضر لهذه الدروس الذي ألقاه الملك الراحل علماء دين مغاربة كبار قيد حياتهم، من طينة العلامة عبد الله كنون، والمكي الناصري، ورحالي الفاروقي، وآخرون.