مع انتشار ظاهرة الإتجار بالبشر في العالم والمغرب بالخصوص، باعتباره بلدا مصدر لضحايا الإتجار بالبشر، نظم "نادي روتاري سبارطيل" بمدينة طنجة مؤخرا بفندق "رويال توليب" ندوة علمية مدرجة تحت عنوان " مكافحة الإتجار بالنساء والأطفال " ، وهي الندوة التي عرفت حظورا مكثفا لمختلف مكونات الجسم الحقوقي من طلبة باحثين، ومنظمات غير حكومية، وممثلين عن المجتمع المدني، والتي أطرها رئيس قسم قضاء الأسرة بطنجة الأستاذ محمد الزردة، والدكتورة سعاد حميدي رئيسة مركز المصاحبة القانونية وحقوق الإنسان فرع طنجة، والتي تميزت كذلك بحضور محمد زيان نقيب المحامين ووزير حقوق الإنسان بالمغرب سابقا. وقد أضحى الإتجار بالبشر موضوعا مقلقا في المغرب، والذي يدق ناقوس الخطر نظرا للعدد المهول لضحاياه سواء الأفارقة جنوب الصحراء، أو ضحايا الدعارة والسياحة الجنسية، أو المتعلق ببيع الأعضاء خصوصا الذي يمس النساء والأطفال، حيث يعتبر الوسيلة الأسرع والآخذة في التزايد التي يتم من خلالها إجبار الأفراد على العبودية. وناقشت الدكتورة سعاد حميدي في مداخلتها دور القانون الجنائي المغربي في تطويق هاته الظاهرة من خلال قانون 27.14، الذي تم المصادقة عليه حديثا والذي يجرم المتاجرة بالبشر بكافة أنواعها، والذي يضع مجموعة من العقوبات والغرامات المالية في حق مرتكبي هذا النوع من الجرائم، والتي تصل إلى السجن المؤبد كأقصى عقوبة في حال ارتكاب الجريمة بواسطة التعذيب أو أعمال وحشية، وفي حال ارتكاب الجريمة في إطار عابر للحدود الوطنية، أو نتج عنها وفاة الضحية فإن العقوبة تصل إلى حدود 30 سنة وغرامة مالية قدرها 2 مليون درهم، فيما حدد السقف الأدنى من العقوبات ما بين "5 و10 سنوات وغرامة مالية ما بين 10 آلاف درهم و500 ألف درهم". وأكدت حميدي في حديثها على ضرورة تفعيل وأجرأة هذا القانون من خلال تنزيل سليم لمقتضياته، وتشديد العقوبة على كل المخالفين له باعتبار ذلك الحل الأنجع للحد من هاته الظاهرة. وفي نفس السياق تحدث الأستاذ محمد الزردة الأستاذ الزائر بكلية الحقوق بطنجة، حيث تناول مستوى أخر من النقاش بحديثه عن الإتفاقيات الدولية بخصوص موضوع الإتجار بالبشر والذي يعد المغرب طرفا فيها، كإتفاقية بليرموا سنة 2000 والتي صادق عليها المغرب سنة 2002 والمتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، مشيرا أن المغرب كان ولا زال منخرطا في الصرح الحقوقي الدولي للقضاء على كل الظواهر التي تهدد حقوق وحريات الإنسان. وأكد محمد الزردة أنه لا بد من إيجاد أليات بديلة لمحاربة هاته الظاهرة بجانب الردع القانوني، من خلال تجنيد لوسائل الإعلام والقيام بحملات توعوية وتحسيسية التي تلعب دورا مهما في سبيل الحد من هاته الظاهرة، مضيفا أن قانون 27.14 لم يأت بأليات قضائية لتسهيل عمل القضاء في هذا الشأن. وفي نفس الصدد علق محمد زيان نقيب المحامين سابقا على الموضوع، بحديثه عن النساء المغربيات اللذين يسافرن إلى دول الخليج بنية العمل ويجدن أنفسهن ضحية لشبكات الجريمة المنظمة لينتهي بهم المطاف كخادمات بيوت أو عاملات جنس، داعيا الجهات المعنية بالتدخل من أجل تنظيم هذا النوع من العمل وإجراء تحقيق ومحاسبة كل المتورطين. واعتبر محمد زيان أنه لا بد من مقاربة تشاركية مع كل فئات المجتمع للحد من هاته الظاهرة التي أضحت كابوسا يطارد النساء والأطفال خصوصا من منهم يعانين من الفقر والظروف الإقتصادية والإجتماعية الصعبة. وجدير بالذكر أن العدد السنوي من الرجال والنساء والأطفال المتاجر بهم عبر الحدود الوطنية يتراوح بين 600000 و 800000 شخص حسب تقرير الاتجار بالأشخاص الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2005 ، في غياب لأرقام دقيقة واحصائيات موثقة، نظرا لأن الاتجار في البشر نشاط يتم بطريقة سرية.