كما هو معلوم فإن الجمعية المغربية لحماية المال العام قد نظمت مسيرة شعبية ضد الفساد والرشوة ونهب المال العام يوم الأحد 29 يناير بالرباط ، وهي المسيرة التي شاركت فيها قوى ديمقراطية ويسارية ونقابية ومدنية وحقوقية مختلف. وإلى حين إجراء تقييم شامل رفقة الأطراف المشاركة في هذه المسيرة فإنه لابد من إستخلاص بعض الدروس من هذه المسيرة والتي يمكن الوقوف عند بعضها كمايلي : إن القوى اليسارية والديمقراطية بمختلف مشاربها تتوفر على عناصر قوة إن تم إستثمارها والتعامل معها بعقلانية ستكون لها نتائج مهمة على مسار النضال الديمقراطي ببلادنا. إن عوامل القوة التي تتوفر عليها هذه القوى تحتاج إلى قيادة مبادرة ومبدعة وقادرة على التعاطي الإيجابي والسريع مع مختلف القضايا المطروحة على الساحة السياسية ،كما يفرض عليها الأمر الإبداع في وسائل التواصل وإبداء المرونة اللازمة والضرورية لإستيعاب كل القوى الديمقراطية الإصلاحية (الإستيعاب بمعناه الإيجابي ) وإعادة الإعتبار لقيم التضحية ونكران الذات والتصدي بحزم لكل الأمراض الذاتية المضرة بالنضال الديمقراطي. على القوى الديمقراطية والتقدمية أن لاتخطئ في تحديد الخصوم الحقيقيين في معركة بناء الديمقراطية وعليها أن تفتح نقاشا شفافا وصريحا حول كل المعيقات المانعة لتطور النضال الديمقراطي ببلادنا ، وأن يكون النقد والنقد الذاتي وسيلة أساسية لتطوير الممارسة السياسية على كل القوى الديمقراطية والإصلاحية أن تخوض المعارك على أساس قضايا ملموسة تهم المجتمع بشكل مباشر ويمكن أن تشكل أرضية لإستعادة زمام المبادرة ، وأن لا تخوض هذه المعارك بشكل ظرفي ومتقطع بحيث يتم الإنتقال من قضية إلى قضية دون إنجاز أي تقدم يذكر في أية قضية من القضايا المطروحة وهو مايفرض الانتقال من لحظة الشعارات وإرضاء الذات إلى مرحلة الفعل الملموس والمباشر والمستمر على شكل حلقات مترابطة ومتصاعدة تعتبر المعركة ضد الفساد والرشوة والريع ونهب المال العام والإفلات من العقاب من المعارك الرئيسية التي تفرض برنامجا نضاليا وتكوينيا وتحسيسيا ،على كل القوى الديمقراطية أن تضعها على جدول أعمالها. على القوى الديمقراطية أن تخوض المعركة من أجل الديمقراطية دون الخلط بين المرحلي والإستراتيجي في نضالها وأن تتعامل مع الواقع بكل موضوعية وأن تستوعب علميا كل التحولات التي يعرفها العالم ، وهو مايتطلب الإنكباب على فهم وإستيعاب كل التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي مع الحذر من السقوط في تضخيم بعض الوقائع والأحداث التي تقع هنا وهناك على القوى الديمقراطية أن لاتنكر بعض الإصلاحات ولو كانت جزئيا والتي يمكن أن تحدث هنا أوهناك لأن ذلك تم بفضل نضالها وأي تبخيس لها هو تبخيس لأدوارها ويسقطها في العدمية ،والقوى المعادية لأي تحول ديمقراطي تفضل نوعا من الخطاب الذي يؤكد على عدم حدوث أي تقدم وتستعمله للتحريض ضد الديمقراطيين.