موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي: حصيلة وتوقعات
نشر في أخبار الجنوب يوم 05 - 06 - 2012

يشكل الصراع المفتوح داخل الاتحاد المغربي للشغل بين التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي المناضل وبين الزمرة الأكثر شراسة وفسادا وعمالة، الحدث السياسي والجماهيري الأبرز منذ ثلاثة شهور. ورغم الضلوع الواضح للمخزن في دعم الزمرة الفاسدة، فإن القوى الديمقراطية المناهضة للفساد والريع تجلس على كراسي المتفرجين، مما يعطي الإشارات الواضحة عن الوضع السياسي في المغرب، خاصة إذا علمنا، والكل يعلم، أن الهجمة التي تنفذها الزمرة الفاسدة المتنفذة داخل الاتحاد المغربي للشغل تشكل – هذه الهجمة – جزءا من مخطط الهجوم المضاد للمخزن على المقاومة الشعبية ومعاقلها المناضلة الصامدة، في إطار الحرب المفتوحة على حركة 20 فبراير.
إن "الواقعية" المبتذلة تجد تبريراتها فيما يلي:
• اعتبار أن المسألة داخلية تهم أطرافا داخل مركزية الاتحاد المغربي للشغل، ويكفي أن نرد على هذا بمثال التضامن الديمقراطي الواسع الذي حازته منظمة العمل الديمقراطي الشعبي عام 1996 لما قادت وزارة الداخلية الانشقاق داخل المنظمة عقابا على موقف هذه الأخيرة من دستور 1996. ألم يكن الصراع "داخليا"؟؟؟.
• اعتبار لا تكافؤ القوى بين الطرفين المتصارعين، إذ تميل الكفة لصالح الزمرة الاستئصالية الفاسدة المدعومة من المخزن. وهو تبرير كان من الممكن أن يجد له شيء من المصداقية قبل اندلاع انتفاضة الشعب ضد الفساد والاستبداد مع حركة 20 فبراير. إن التصميم على خوض المعركة ضد الفساد والريع والاستبداد في السياق السياسي والجماهيري الحالي المناسب، هو الذي يرجح كفة ميزان القوى الكامن على ميزان القوى الظاهري. وهذا ما تكشفه وتؤكده المعركة التاريخية التي يخوضها التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي.
تكبدت الزمرة الاستئصالية الفاسدة هزيمة حقيقية يمكن تلمس أبعادها وعمقها من خلال الانتصار الباهر الذي حققه التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي على الواجهتين التاليتين:
o على الواجهة التكتيكية: حقق التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي إنجازا عظيما لما تمكن من كسر خطة الزمرة الاستئصالية لعزل الأطر النقابية عن القواعد وعزل مناضلين نقابيين قياديين عن التنظيمات القطاعية بأفق استيعابها وتدجينها وإخضاعها. وكانت الضربة قاصمة وقاسية لخطة الاستئصال لما خلقت قراراته بالطرد وإغلاق مقر الاتحاد بالرباط حالة تعبئة قصوى في القطاعات المنظمة ذات التقاليد الديمقراطية التي عبرت عن مواقف الرفض والتنديد بهذه القرارات. وهي المواقف التي لفت آلاف النقابيين أطر وقواعد لم تجد أمامها الزمرة الاستئصالية إلا الهروب إلى الأمام بشن حرب انتقامية للانقلاب على الجامعات والاستعانة بالسلطة ضد الشرعية الديمقراطية. هكذا بدأت أرجل الزمرة المتسلطة تغرق في الوحل في مقابل ذلك اندفعت قوة نقابية هائلة موحدة ومصممة على خوض معركة الديمقراطية النقابية.
o على الواجهة الإستراتيجية: إن هذه القوة النقابية الديمقراطية والوحدوية بدأت تتشكل منذ الآن كقطب جذب أساسي داخل الاتحاد المغربي للشغل وخارجه، وكنواة طليعة للمشروع الضخم والشاق من أجل الديمقراطية والوحدة النقابية. هكذا يظهر أن خطة الانقلاب على المؤتمر العاشر للإتحاد المغربي للشغل والتطلعات الديمقراطية والوحدوية التي افتتح طريقها الصعب، قد باءت (خطة الانقلاب) بالفشل المدوي الذريع.
إن هذين الانجازين الهامين يشكلان من جهة أولى الحصيلة المباشرة لمعركة الصمود والتصميم التي خاضها ويواصلها التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي منذ ثلاثة شهور، ومن جهة ثانية الحصيلة التاريخية لخط النضال النقابي الجماهيري الطويل النفس الممتدة على مدار سنين من العمل النقابي الشاق وفي ظروف بالغة الصعوبة، كما يشكل من الجهة الثالثة، امتدادا مباشرا للاختراق الديمقراطي الذي حققه التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي في المؤتمر 10 للإتحاد المغربي للشغل.
وغني عن البيان أن الأفكار التي نقدمها هنا تتعارض مع أراء عدد من الرفاق الذين رأوا في خوض المعركة ضد خطة الاستئصال منذ 3 شهور، مضيعة للوقت واعتبروها معركة محسومة، وذهبوا إلى تبخيس تجربة عقود من النضال الضاري داخل الاتحاد المغربي للشغل، واعتبروا المؤتمر 10 غنيمة كاملة للبروقراطية بل وذهبوا إلى حد اعتبار الحملة الاستئصالية هي النتيجة المباشرة للمؤتمر 10 ... !!
وهذا ما يتطلب وقفة سريعة ومزكزة، هدفها الأساسي تعميق الحوار الرفاقي لتصحيح هذه الأفكار مع التأكيد أن ما يحكمنا هو الارتقاء بالوحدة من أجل الأهداف المشتركة.
لقد سجلنا سابقا نتائج المعركة التي خاضها التوجه الثقافي الديمقراطي الوحدوي وركزناها في إنجازين هامين على الصعيد المباشر كما على الصعيد الاستراتيجي حيث أفضى التصميم على خوض المعركة إلى تشكل قوة نقابية ديمقراطية جماهيرية قادرة على لعب دور طليعي بأفق الديمقراطية والوحدة النقابية، وهذا على عكس تقديرات عدد من الرفاق الذين اعتبروا المعركة محسومة وغير ذات أفق. بقي لنا مناقشة مسألتين هما: المؤتمر العاشر للإتحاد المغربي للشغل ومسألة التجربة النقابية داخل الاتحاد المغربي للشغل.
o هل شكل المؤتمر العاشر غنيمة للبيروقراطية ومرتكزا للهجوم الاستئصالي على التوجه الديمقراطي؟ أم اختراق فعلي لخط النضال النقابي الديمقراطي الوحدوي؟إن الإجابة عن هكذا سؤال حاسم لا تكون بالعموميات والتجريد بل بالتحديد الدقيق للأهداف الملموسة المنتظرة والمتوخاة من المؤتمر العاشر للإتحاد المغربي للشغل والتي ينبني عليها الخط العملي – التكتيكي – الملموس الواجب إتباعه إزاء حدث بحجم مؤتمر! في جميع الأحوال فإن السيناريوهات لم تكن لتخرج عن ثلاثة وهي:
انتهاج خط الانكفاء تجاه المؤتمر
اعتبار المؤتمر المحطة الحاسمة للقلب النهائي للوضع داخل الاتحاد المغربي للشغل
اعتبار المؤتمر 10 محطة لاختراق فعلي يضع التوجه الديمقراطي في شروط متقدمة لمواصلة نضاله من أجل الديمقراطية النقابية وضرب الفساد وإطلاق دينامية نضالية بأفق الوحدة النقابية.
لكن ما السبيل إلى الاختيار بين السيناريوهات الثلاثة؟ أو بشكل أدق على أي أساس يتم اختيار أحد الخيارات المطروحة؟
• إن التطور الهام التنظيمي والنضالي الذي عرفه التوجه الديمقراطي ما بين مؤتمري الإتحاد المغربي للشغل (المؤتمر التاسع في 1995 والمؤتمر العاشر في 2011) وحدث رحيل المحجوب بن الصديق، يجعلان من خيار الانكفاء أكبر الخطايا وأعظمها.
• إن اعتبار المؤتمر 10 الجولة الأخيرة للإطاحة الكاملة بالبروقراطية وتصفية وجودهما نهائيا داخل الإتحاد المغربي للشغل، خيار هروبي وغير عملي بالمطلق وسيدفع أصحابه إلى الانكفاء والاكتفاء بالزعيق اللفظي ضد البروقراطية.
• لهذا فإن الخيار السديد هو خيار الصراع من أجل اختراق فعلي يضع خط النضال من أجل الديمقراطية النقابية وضد الفساد و من أجل فتح آفاق الوحدة النقابية في أوضاع وشروط متقدمة إنه الخيار الذي يستجيب لميزان القوى النقابي الداخلي (تطور التوجه الديمقراطي ورحيل المحجوب) والنقابي الخارجي أيضا (أوضاع التراجع والتكاسل البروقراطي في كدس...)
فمباشرة بعد رحيل المحجوب بن الصديق، طرح أحد أبرز قادة التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي – الرفيق أمين عبد الحميد – خارطة طريق (المهام الأساسية للمؤتمر العاشر) في مقال معروف يحدد المهام الملموسة للمؤتمر العاشر. وجاءت مقررات المؤتمر العاشر تعكس إلى حد بعيد المهام الأساسية التي تم طرحها على الأصعدة التوجيهية والتنظيمية والسياسية. وهي بذلك تشكل مكسبا حقيقيا واختراقا فعليا يمكن من العمل في شروط متقدمة لمواصلة النضال من أجل الديمقراطية النقابية وضد الفساد النقابي وبأفق الوحدة النقابية.
وسيكون من اجترار الكلام إعادة القول، أن الزمرة المتنفذة والفاسدة لم ترضى إلا مكرهة بالنتائج الذي حققها المؤتمر العاشر، وأنها ستعمل على عرقلة تنفيذها بكل ما أوتيت من قوة، وهو ما فعلته طيلة شهور لكنها لم تنتقل من العمل على عرقلة تنفيذ نتائج المؤتمر إلى الانقلاب عليه إلا بعد انتقال النظام المخزني إلى مرحلة الهجوم المضاد الشامل للعصف بمواقع وقلاع المقاومة الشعبية.
لذا فإن الانقلاب على نتائج المؤتمر العاشر المتقدمة هي عنوان الهجوم الاستئصالي للزمرة المتنفذة داخل الاتحاد المغربي للشغل، وأن التشبث بهذه النتائج يبقى شعارا مركزيا للتوجه الديمقراطي الوحدوي.
• منذ بداية الهجوم الاستئصالي للزمرة البروقراطية الفاسدة (قرارات الطرد والانقلاب على الأجهزة الشرعية للإتحاد الجهوي...) تعالت عدة أصوات تطالب التوجه النقابي الديمقراطي بتقديم نقد ذاتي على تجربة سنين طويلة من العمل داخل الإتحاد المغربي للشغل. وبتسرع لا مثيل له اعتبرت الهجمة الاستئصالية عنوانا لإفلاس هذه التجربة. ولأجل تسويغ ذلك وفي محاولة لتشييد نسق سياسي لأطروحة "إفلاس التجربة والخط الذي قادها" ذهبت إلى حد اعتبار أن التقدم الذي أحرزه خط النضال النقابي الديمقراطي الجماهيري داخل الإتحاد المغربي للشغل ليس إلا منة (كذا) من البروقراطية!! و إذ نؤكد أن النقد والتقويم هو عمل أساسي لتطوير أي تجربة وضخها بالنفس الجديد، فإننا نميز بين النقد والتحامل الذي قد نسقط فيه بوعي أو بدونه.
وسنعطي مثالا بأحد الآراء الأكثر نضجا، لنوضح كيف انزلق النقد – المطلوب – إلى التعامل الذي وجب تجنبه لتعميق الحوار الرفاقي. المقال المعني نشرته جريدة النهج الديمقراطي في عددها 157 تحت عنوان "طرد اليسار الجذري من الإتحاد المغربي للشغل: إلى أين؟" والذي يعطي صورة كاريكاتورية عن التجربة النضالية داخل الإتحاد المغربي للشغل.
جاء في المقال المذكور ما يلي: "وتجدر الإشارة هنا إلى أن تحمل البيروقراطية الوجود اليساري في الإتحاد المغربي للشغل كان دوما مرتبطا بنوعية هذا الوجود، فطالما اقتصر على أدوار روتينية تكاد تخلو من مضمون سياسي، أي ملتزمة بمطالب خبزية وبأشكال نضال ضئيلة الكفاحية فلا بأس بنظر البيروقراطية من التسامح مع هذا الوجود لا سيما أنها تستفيد منه على مستويات أخرى ..."
ومن الواجب إعادة التذكير ببعض الوقائع المعروفة لعلها تعمل على تصحيح النظرة التبخيسية الواردة في النص أعلاه:
- هل هدم مقر الإتحاد المغربي للشغل بالرباط على الرؤوس بالجرافات كان نتيجة "أدوار روتينية... وبأشكال نضال ضئيلة الكفاحية ..."؟؟
- هل حل أجهزة الإتحاد الجهوي بالرباط في 1999 بقرار من المحجوب بن الصديق وأعوانه (في أجواء التحضير للمؤتمر الجهوي) كان نتيجة الأدوار الروتينية ... وأشكال النضال الضئيلة الكفاحية؟ أم ردا عل المد النضالي القوي الذي عرفه الإتحاد الجهوي ؟؟؟
- هل فرض سحب مشروع مدونة الشغل –صيغة 1994 – التي كانت مطروحة للنقاش في البرلمان، إثر المسيرة العمالية التي عرفت قمعا وحشيا سنة 1996، عمل روتيني ... ضئيل الكفاحية؟؟؟.
- هل الهجوم الاستئصالي على الإتحاد المحلي بالخميسات جاء نتيجة أعمال روتينية أم أنه (وهنا نعذر كاتب الورقة) كان نتيجة مباشرة لرسالة وجهها الرفيق أمين عيد الحميد إلى المحجوب بن الصديق يطالب فيها المحجوب بعقد المؤتمر العاشر للمركزية! ولا شك أن الرفيق يدرك معنى مطالبة المحجوب بعقد المؤتمر!!؟
- هل بناء جامعات واتحادات تضم المئات من الفروع والعشرات من الآلاف من الأجراء كان نتيجة عمل روتيني ضئيل الكفاحية؟
- هل اتخاذ المبادرة للتشهير باغتيال الرفيق الشهيد "عبد الله موناصير" وتحدي البروقراطية وتقاليدها، بالاتصال وتعبئة المواقع (الاتحادات المحلية والجهوية) والخارج، عمل روتيني سمحت به البروقراطية؟
اكتفى بهذا القدر من بعض الوقائع والأمثلة ... وانتقل إلى لب المشكل.
إن الرصيد النضالي الذي مكن من تشكل قوة ديمقراطية نقابية تدافع بشراسة وتصميم وتطرح نفسها كفاعل مركزي في الساحة النقابية، ليس إلا حصيلة خط العمل الجماهيري الذي تم اتباعه ونهجه منذ ثلاثة عقود. وقد تبلور هذا الخط منذ نهاية السبعينات وبداية الثمانيات كبديل عن الخط البرجوازي الصغير الفوقي الذي يختزل النضال النقابي في المواجهة الفوقية واللفظية مع البيروقراطية النقابية.
فما هي مقومات هذا الخط النضالي الذي يطالبنا العديد من الرفاق بتقديم نقد ذاتي عنه، أي بهجره (؟)...
1- اعتبار العمل الجماهيري القاعدي الطويل النفس هو السبيل لقلب موازين القوى داخل النقابات لصالح الديمقراطية النقابية ضدا على البروقراطية، وليس الصراع الفوقي المعزول للمثقفين البروجوازيين الضغار.
2- التمييز بين العمل الديمقراطي الجماهيري النقابي وبين العمل السياسي الثوري، فالأول يستهدف أساسا التنظيم النقابي لوسع الجماهير للدفاع عن مطالبها الأساسية وفي مقدمتها تحسين شروط عملها وعيشها وهو ما يتطلب تدخلها كقوة منظمة أما الثاني فيستهدف من بين ما يستهدف التنظيم السياسي لطلائع المناضلين (...).
3- إن العمل في الأجهزة وتحمل المسؤولية فيها من طرف المناضلين والمناضلات يدخل في صميم المسؤولية للدفاع عن تطلعات القواعد، وليس تقاسمها للكراسي أو "مؤامرة" مع البروقراطية كما نسمع ونقرأ. إن القائلين بذلك لا إطلاع أدنى لهم عن تجارب المناضلين في الحركات النقابية، ولم يستوعبوا الدرس اللينيني القاضي بضرورة العمل وسط النقابات الصفراء حتى وإن رددوه صباح مساء.
أخيرا لا بد من الإشارة إلى أن جزء من اليسار الجذري المغربي لازال لم يقطع مع المنظور الإطاري الفوقي للعمل الجماهيري النقابي بالخلط الفظيع بين العمل الجماهيري ومتطلباته والعمل السياسي.. إن التجربة النقابية الطلابية جديرة بالاهتمام واستخلاص الدروس، حيث تعطي المثال الحي على هذا النوع من العمل. وقد بلغ هذا النوع من العمل الضار والخاطئ درجته القصوى حيث أصبح شعار مواجهة البروقراطية يعني مواجهة التنظيم النقابي للجماهير!... وكيف تحول شعار التصدي للبروقراطية من شعار تقدمي إلى شعار رجعي.
المهمات المباشرة:
إن تسطير المهام المباشرة يقتضي تدقيق التناقضات وموازين القوى ونقط القوة والضعف لدى التوجهين المتصارعين: التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي المناضل والتوجه الاستئصالي البروقراطي الفاسد.
أولا: يشكل التوجه الديمقراطي الوحدوي قوة جماهيرية منظمة، التحمت وترسخت في الصراع الضاري الجاري منذ ثلاثة شهور. بينما يتشكل التوجه الاستئصالي البروقراطي الفاسد من زمرة متنفذة تعتمد على الزبائن وشراء المتملقين وأصحاب الطموحات الانتفاعية الصغيرة. وبين الطرفين توجد جماهير العمال والمستخدمين المكبلين بأغلال الخوف والتدجين من البروقراطية الذي كرسته على مدار عقود. وتعيش الأطر النقابية للفئة الأخيرة تناقضا بين إدراكها – بحكم تجربتها وواقعها النقابي الملموس – لفساد وتسلطيته وبيروقراطية الزمرة المتنفذة، وبين الأغلال المكبلة لطاقتها من أجل الانتفاض على تسلطية الزمرة البروقراطية الاستئصالية.
إن هذه الخريطة التقريبية تسمح باستنتاج خلاصتين أساسيتين:
1- إن الزمرة الاستئصالية لم تتمكن، بكل الإماكنيات المتاحة لها، من جر الفئة الثالثة إلى دعم مخططها الانشقاقي والانقلابي الفوقي، وهو ما أكدته العديد من المحطات النضالية والتنظيمية. في المقابل لم يستطع التوجه الديمقراطي والوحدوي إدماج هذه الفئة لوضع حد للمخطط الانشقاقي الانقلابي.
2- إن التشبث بالاتحاد المغربي للشغل وشعارات الديمقراطية النقابية والوحدة النقابية ومحاربة الفساد والانتفاع هو الذي أفشل بشكل ذريع الدعاية الضخمة للزمرة الاستئصالية لجر الفئة الثالثة إلى مخططها الانشقاقي الانقلابي المخزني.
وفقا لما سبق من خلاصات واستنتاجات فالمطلوب التأكيد على التشبث بالإتحاد المغربي للشغل، وإبداع أشكال العمل الكفيلة بتدشين تعبئة منظمة أحسن تركيز تجاه ما أسمياه بالفئة الوسطى الثالثة ...(...) وقد كانت القيادة الثلاثية الشرعية قد شرعت في هذا العمل الهام بتوجيه رسائل إلى مستخدمي شركة رضال بالرباط، ومؤتمر مستخدمي الضمان الاجتماعي والمجلس الوطني للإتحاد المغربي للشغل بمناسبة فاتح ماي 2012.
ثانيا: لقد كان الرد الذي وجهه التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي لقرارات الزمرة الانتقالية صاعقا وصادما لها، حين طالبها بالتراجع عن القرارات الاستئصالية والتحم تحت راية رفض ومواجهة العملية الانتقالية الانقلابية، فاندفعت الزمرة الفاسدة للانتقام من المراكز والمواقع المنظمة للتوجه الديمقراطي، معتمدة وسيلتين أساسيتين:
* المحاولات الحثيثة لشق وتقسيم الإتحاد النقابي للموظفين والجامعة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية، والإتحاد الجهوي للرباط سلا وتمارة والإتحاد المحلي بتازة... !
* الاستعانة بالنظام لخنق العمل التنظيمي ومسؤولية متابعة وإدارة الحوار لحل المشاكل... عن طريق رسائلها التي تؤكد على أية حال خطتها الانشقاقية والانتقالية.
* ولقد قاوم ولا يزال التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي هذه الاجراءات الانشقاقية ونجح لحد الآن في تقليص نتائجها التدميرية. غير أن المعركة طويلة مما يستوجب ضخ إجراءات التصدي للانشقاقية والانتقالية بكل الوسائل التي تمكن كسر "الخطة التقسيمية".
فخطة الزمرة الانتقالية بتعاون مع المخزن تستهدف شل العمل النقابي للقطاعات المنتفضة ضد عمليتها الانشقاقية، وتحويلها إلى تجمعات معزولة تستهدف شل العمل النقابي للقطاعات المنتفضة ضد عمليتها الانشقاقية، وتحويلها إلى تجمعات معزولة عن القواعد وتراهن على استقطاب هذه الأخيرة أو تشتيتها...
في مواجهة هذه الخطة ستظهر في بعض الأحيان أفكار تنادي إلى هجر الإتحاد المغربي للشغل إما بتشكيل مركزية جديدة أو الالتحاق بمركزية قائمة. وإذ نعي وندرك ضراوة المعارك التي فرضتها الزمرة الانشقاقية الانقلابية، فإنه من باب الواقعية التأكيد أن هذه الخيارات السهلة هي الطريق نحو إجهاض بل وقتل هذه القوة الجبارة التي يمثلها التوجه الديمقراطي الوحدوي، ومن ثمة نرى أنه يجب اعتبار أن التوجه الديمقراطي هو التوجه الشرعي وخوض الصراع على هذا الأساس ضد الزمرة الانقلابية الانشقاقية تحت راية الاتحاد المغربي للشغل ومقررات مؤتمره العاشر.
كما يجب التنبيه إلى أن مكونات هذا التوجه يجب أن تتخذ الاجراءات الكفيلة بشكل منسق وموحد، تحت راية الشرعية القطاعية والمركزية.
ونقصد بالهياكل القطاعية والمركزية:
القيادة الوطنية الثلاثية
أعضاء اللجنة الادارية المنتفضون ضد العملية الانشقاقية
الاتحاد النقابي للموظفين
الجامعات القطاعية
الهياكل المحلية والجهوية
الشبيبة والمرأة العاملة.. ! !
....
وإذا كان من الضروري اللجوء إلى إجراءات قانونية استثنائية لإفشال خطة الانشقاق والانقلاب فيجب اعتبارها اضطرارية وتكتيكية لإفشال مخطط الانشقاق والانقلاب مع تحديد الصيغ الكفيلة التي تجعل عمليا من التوجه الديمقراطي الناطق الشرعي باسم الإتحاد المغربي للشغل كما تراه وتطمح إليه قواعده ضد التسلط البيروقراطي . (...)
وإن إنحياز عدد من القطاعات إلى قطب الشرعية مسألة ستعزز التوجه الديمقراطي (...).
ثالثا : إضافة إلى رصيده النضالي وقوة أهدافه المتمثلة في الديمقراطية والوحدة النقابية، فإن التوجه الديمقراطي داخل الإتحاد المغربي للشغل يمتلك قوة تمثيلية لا يستهان بها أكدتها انتخابات المأجورين لسنة 2009، حيث يحوز على حوالي 1/3 ما حصلت عليه مركزية الإتحاد المغربي للشغل عموما. ومن المعلوم، وبالنظر إلى ضعف نسبة التنظيم النقابي في المغرب، فإن التلاعب بالانتخابات المهنية وتوجيهها يشكلان سلاحا أساسيا للدولة في توجيه الخريطة النقابية عبر ظاهرة les SAS كما عبر تنسيق العمل مع الباطرونا المتوحشة لدعم نقابة على أخرى على الخصوص في القطاع الخاص، أما في بعض من المؤسسات العمومية والشبه عمومية فالإدارة توجه هذه الانتخابات.
إن معركة التمثيلية ستكون من أهم محطات تركيز وتوسيع واتساع التوجه الديمقراطي النقابي الوحدوي إذا تم خوضها باستعداد جيد وبخطة تراعي تعقيداتها من جهة وبشعارات الديمقراطية والوحدة ومحاربة الفساد والريع النقابي من جهة ثانية. والمعركة تتطلب أولا وقبل كل شيء وحدة كل النقابيين الديمقراطيين ضد تدخل الإدارة وتلاعب السلطة والباطرونا المتوحشة في توجيهها ... (...).
رابعا: لقد دأبت الزمرة الفاسدة على انتهاج أسلوب الرفض اللفظوي للهجومات المستهدفة للشغيلة وكان ذلك سيشكل غطاءا لنضال التوجه الديمقراطي لربط الأقوال بالأفعال. ولقد خاض التوجه الديمقراطي في القطاعات والإتحاد المحلية والجهوية نضالات على مختلف الواجهات مكنته من تجربة لا يستهان بها. وفي الأجواء الحالية حيث الهجوم على حقوق الأجراء على قدم و ساق، سيكون التصدي لها إحدى أهم وأعظم المهام النقابية المطروحة، وستوضع الزمرة النقابية المتواطئة أمام المحك: فلا هي قادرة على ترجمة أقوالها الاستهلاكية والديماغوجية إلى أفعال، ولا هي قادرة على فرملة مبادرات النضال النقابي للتوجه الديمقراطي !
خامسا: إن تعزيز العمل النقابي الوحدوي على أسس نضالية سيكون له الأثر البالغ على استنهاض جماهير الأجراء وإعادة الاعتبار للعمل النقابي الذي خربته البيروقراطيات والانشقاقات. ولقد شكلت الدعوة إلى المشاركة في مسيرة 27 ماي 2012 من طرف التوجه النقابي الديمقراطي الوحدوي داخل الإتحاد المغربي للشغل خطوة جبارة. وإن تعزيز هذا المسار يتطلب اتخاذ وتعميم المبادرات على الأصعدة المحلية والقطاعية والمركزية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.