يصعب على المرء فهم هذا الاهتمام الكبير الذي يوليه الحزب الشعبي الاسباني وبعض الاحزاب القومية الأخرى، والأسباب التي تدفعه لملاحقة البرقع والحجاب والمهاجرين الشرعيين "كما حدث في أحد البلديات التي يسيطر عليها بمطالبة المهاجرين بتقديم عقود عمل سارية"، وغير الشرعيين عبر منع الأوراق الرسمية عنهم والوشاية بهم للبوليس. والغريب في الأمر أن هذا الحزب يمتطي صهوة مبدأ المساواة بين الرجال والنساء وحقوق الإنسان لتبرير ملاحقته و "تحريض" المجتمع بطريقة أو بأخرى ضد المهاجرين. وفي سياق اهتمام الحزب المذكور بكيفية ملاحقة المهاجرين من أصول إسلامية على الأقل، فإن قيادة الحزب في كطالونيا أخذت على عاتقها ترؤس الحملات لمنع ارتداء "البرقع" على مستوى البرلمان الوطني والمحلي. فبعد تقديم مشروعه لمجلس الشيوخ لمناقشته وحث الحكومة المركزية لمنع استخدامه في الشارع وحمل الأحزاب، بكل أطيافها، لاتخاذ موقفا منه، فإن رئيسة الحزب الآنف الذكر اليثيا سانتشس كاماتشو تسعى لزج البرلمان الكطلاني في المسألة على الرغم من معرفتها المسبقة بفشل محاولتها ليس فقط لأن منعه في الشارع يعتبر مخالفا للقانون بل لأن معظم الأحزاب البرلمانية أعربت عن أن النقاش حوله غير مناسب خاصة وأن الانتخابات المحلية والبلدية على الأبواب. ومن جهة أخرى، قالت صحيفة الباييس في افتتاحيتها اليوم أن منع ارتداء "البرقع" أو رفض منعه يحتاج إلى التروي والتفكير الهادئ حيث انتقدت من يرفعون شعار المساواة تحت غطاء انتخابي سيتولد عنه مزيد من الكراهية ضد المهاجرين. ويبدو لنا من هذه الطروحات التي يقودها الحزب الشعبي، أن استخدام الحجاب و "البرقع" و"النقاب" ليس وليد الساعة بل موجود قبل ولادة الحزب نفسه، ولكن ما يقلق هو طرح القضية للمجتمع بسبب ظهور الأزمة الاقتصادية أو بسبب حادث هنا وهناك. والأجدى بالنسبة للحزب الشعبي هو طرح برنامجه الاقتصادي والسياسي للحد من الأزمة الاقتصادية التي يحاول بشتى الوسائل حرف الأنظار عن افتقاره لطرح مبادرات تساعد اسبانيا في تجاوز محنتها الحالية.