اتهم حقوقيون وعدد من عائلات قتلى فلسطينيين، إسرائيل بإعدام أبنائهم وسرقة أعضائهم بعد احتجاز جثامينهم لديها لأسابيع، إذ تشترط الأخيرة دفن الجثامين مباشرة دون إخضاعها للتشريح، مقابل تسليمها لذويها. الشروط الإسرائيلية قوبلت بالرفض من بعض عائلات القتلى، ومسؤولين فلسطينيين ومؤسسات حقوقية، في حين وافق البعض على استلام الجثامين وعدم التشريح، تحت ضغط نفسي وضرب الجيش الإسرائيلي على وتر حساس لدى العائلات، برغبتها بدفن أبنائها، حتى لو كان ذلك على حساب كشف حقيقة مقتلهم أو التحقق من سرقة أعضاء من أجسادهم، بحسب حقوقيين. نسيم صلاح، شقيق الشاب بسيم (38 عاما)، الذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي بدعوى طعنه شرطيا إسرائيلياً قرب باب العامود بالقدس في 29 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، أكد رفض العائلة استلام جثمان شقيقه وفقاً للشروط الإسرائيلية. وقال نسيم للأناضول "لن نرضى بأي شرط إسرائيلي، ولن نقبل بالمساومة على دماء أخي، ولا يمكننا أن نلغي العرس الذي يليق به بتشييعه في وضح النهار وبجنازة تليق به وبتضحيته"، مضيفاً "نحن أعلنا رفضنا للشروط قبل أن يتصل بنا الجيش الإسرائيلي، وحتى لو اتصل بنا فلن نرضخ لشروطهم، حتى لو طال احتجاز الجثمان لديهم، فالروح صعدت لبارئها أما الجسد فهو فاني". عائلة الشاب عز الدين رداد، من طولكرم (شمال)، هي الأخرى أبدت رفضها للشروط الإسرائيلية لاستلام جثمان ابنها الذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في الثالث من ديسمبر/ كانون أول الجاري، بعد اتهامه بتنفيذ عملية طعن في منطقة باب العامود بمدينة القدس. وقالت شقيقة عز الدين للأناضول "نرفض الشروط بشكل قاطع، من حقنا تشييع جثمان أخي بجنازة تليق به، وبالوقت الذي نريده، خاصة وأن عدداً من أفراد العائلة خارج فلسطين ويريدون المجيء وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه". من ناحيته، أشار مدير مركز القدس للمساعدة القانونية في مدينة نابلس (شمال)، ساهر صرصور، أن "الاتهام قائم ضد إسرائيل بسرقة الأعضاء وتصفية وإعدام بعض الفلسطينيين طالما لم يثبت العكس". وقال صرصور في حديثه للأناضول "هناك سوابق لإسرائيل في سرقة أعضاء من جثامين فلسطينيين كانوا محتجزين لديها، وبناء على ذلك يجب أن يكون هناك آلية معينة، حتى لو كان بإشراف جهة ثالثة محايدة، تقوم بتشريح الجثامين والكشف عليها، لنضمن أن الجثمان لم يتم سرقة أعضاء منه، أو أن الشخص أعدم بدم بارد ومن مسافة صفر، وإلا فستبقى التهمة قائمة". وأضاف "التشريح سيكشف إذا ما تم العبث بالجثمان، والطريقة التي قتل فيها، وكل من هاتين النقطتين لها أبعاد غاية بالأهمية في حال أراد الطرف الفلسطيني التوجه للمحاكم الدولية لمقاضاة إسرائيل في هذا الأمر، خاصة وأن هناك قتلى لم تتضح حقيقة وفاتهم حتى بعد أسابيع من إصابتهم، ولم يكن يعرف أي شيء عن مصيرهم". وأوضح مدير المركز الحقوقي، أن الشرط الأساسي الذي تضعه إسرائيل مقابل تسليم الجثامين المحتجزة، هو دفن الجثمان في ذات الليلة التي يتم استلامه بها، مبيناً بالقول "هذا له علاقة بعدم القدرة على تشريح الجثمان بنفس الليلة، لأن الجثمان يكون عبارة عن كتلة جليدية، حيث توضع الجثامين بدرجات حرارة تصل لثمانين تحت الصفر في الثلاجات الإسرائيلية، ما يعني أن الجثمان بحاجة ليومين أو ثلاثة حتى يتم التمكن من تشريحه، وهنا يبقى الباب مفتوحاً أمام احتمال إعادة اختطاف الجثمان من المستشفى، من قبل الجيش الإسرائيلي خلال هذه الفترة، ما يدفع الأهالي لدفنه قبل التشريح". ولفت أن الجيش الإسرائيلي يجبر الأهالي على التوقيع على عدد من الأوراق المكتوبة باللغة العبرية لدى استلام جثامين أبنائهم على الحواجز، دون معرفة العائلات ماهية تلك الأوراق، مشيراً أن في تلك الخطوة استغلال للحالة النفسية والمعنوية لدى العائلة لحظة استلامها الجثمان، حيث يكون همها الوحيد هو استرداد ابنها. وذكر صرصور أن إسرائيل فرضت على عدد من العائلات غرامات مالية، "لمخالفتها الشروط التي وضعت مقابل استلام الجثمان"، مشيراً أن الغرامات تصل 50 ألف شيكل إسرائيلي (نحو 13 ألف دولار أمريكي) في حال تم التشريح، و20 ألف شيكل (أكثر من 5 آلاف دولار أمريكي) في حال تأخير عملية الدفن. وكانت عائلات قتلى محتجزين لدى إسرائيل، ومؤسسات حقوقية، والكتل البرلمانية الفلسطينية، قد اجتمعت في رام الله الأربعاء، لتخرج بقرار "رفض الشروط الإسرائيلية لاستلام الجثامين". أما فيما يتعلق بالتحرك على المستوى الرسمي الفلسطيني، فقد جاء الرفض للشروط الإسرائيلية على لسان محافظي المدن الفلسطينية خلال تواصلهم مع عائلات القتلى، بحسب الحقوقي صرصور، مشيراً أنهم أكدوا رفضهم لها، تاركين الأمر في اختيار موعد الدفن والتشريح للعائلات. وتحتجز إسرائيل ما يقارب 315 جثمانا فلسطينياً، 265 منهم منذ ما قبل عام 2015، ونحو 50 آخرين منذ اندلاع الهبة الفلسطينية مطلع أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وفقاً لصرصور. وتشهد أراضي الضفة الغربية، وقطاع غزة، منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هبة فلسطينية، ومواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات إسرائيلية، اندلعت بسبب إصرار مستوطنين يهود متشددين على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية.