يلتقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين نظيرة الجزائري عبد العزيز بوتفليقة خلال زيارة إلى الجزائر التي تلعب دورا محوريا في عملية البحث عن تسوية للأزمتين في مالي وليبيا. وتسعى باريس من جهة أخرى إلى تكثيف العلاقات الاقتصادية مع شريكها الاستراتيجي. يزور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين الجزائر، التي تلعب دورا أساسيا في عملية البحث عن تسوية للأزمتين في مالي وليبيا، والتي باتت باريس ترتبط بها بعلاقة أكثر هدوء. وبعد فتور دام سنوات، تكثف التعاون بين باريسوالجزائر لمحاربة الحركات الجهادية التي تضطلع الجزائر، الواقعة قرب مالي والنيجر وليبيا، بدور جوهري فيها. وكشف المؤرخ بيار فيرمران، الخبير في شؤون المغرب العربي "بالتأكيد الأهداف الأمنية أصبح لها الأولوية بالنسبة إلى فرنسا". والحلول الواجب اعتمادها لمواجهة عدم الاستقرار في المنطقة ستكون في صلب "زيارة العمل" هذه التي تستغرق بضع ساعات ويلتقي خلالها الرئيس الفرنسي نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء عبد المالك سلال. وقد ساهمت الجزائر إلى حد كبير في توقيع اتفاقات السلام والمصالحة في مالي في 15 مايو، وكذلك في العاصمة الجزائرية تعهدت حركة التمرد المالية (من الطوارق) في الخامس من حزيران/ يونيو بالتوقيع بدورها. وقال فيرمران "الجزائر هي أيضا إحدى الجهات الرئيسية المساهمة في استقرار الأوضاع في ليبيا إلى جانب الأممالمتحدة وبالطبع تعتمد فرنسا كثيرا على قدراتها للقيام بوساطة". وأكدت باريس أن الجزائريين "يتمتعون ببراغماتية ويركزون على القضايا الأمنية" في التعامل مع بلد كليبيا الذي يشهد حالة من الفوضى المعممة وتقدم تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف على أراضيه. والعلاقات المعقدة بين البلدين التي شهدت فترة استعمار امتدت ل132 سنة، وحرب استقلال دامية بين 1954 و1962، شهدت تحسنا على مراحل. وتابع المؤرخ "بعد أكثر من نصف قرن" على الحرب "بدأت تطوى الصفحة. في الجانب الفرنسي لم يعد المسؤولون عنها موجودين وفي الجانب الجزائري هم على وشك الغياب أيضا". وقامت فرنسا بخطوات شعرت الجزائر بامتنان لها. في 20 ديسمبر 2012 خلال أول زيارة دولة له، أقر هولاند أمام البرلمان الجزائري ب"المعاناة التي سببها الاستعمار الفرنسي". وفي نيسان/ أبريل، كرم وزير الدولة الفرنسي المكلف شؤون المحاربين القدامى الضحايا الجزائريين في مجزرة سطيف التي أوقعت آلاف القتلى قبل سبعين عاما. وأعلن السفير الفرنسي لدى الجزائر برنار ايمييه مؤخرا أن "الرئيس بوتفليقة وصف مستوى العلاقة بأنه متفاوت". وعلى الصعيد السياسي، تتجنب باريس التطرق إلى موضوع خلافة بوتفليقة الحساس الذي باتت الصحافة والمعارضة تتناوله أكثر وأكثر. والرئيس الجزائري البالغ 78 من العمر والذي أصيب بجلطة دماغية في 2013، أعيد انتخابه في 2014 وهو يعتزم البقاء على رأس البلاد حتى انتهاء ولايته في 2019. القضايا لاقتصادية ومسألة خلافة بوتفليقة وأكد دبلوماسي فرنسي مؤخرا أن فرنسوا هولاند "لن يتدخل لا بشكل مباشر أو غير مباشر" في مسألة خلافة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة التي "ليست في رأيه اليوم مسألة مطروحة". وفرنسا التي تحاول بصعوبة تخطي أزمتها الاقتصادية، تدرك جيدا الفرص التي تقدمها سوق تضم 40 مليون نسمة تبعد عن باريس ساعتين بالطائرة. وأبرم البلدان في 2012 "شراكة استراتيجية" يرغبان في تكثيفها. وذكر مصدر في باريس "يجب تكثيف مشاريع الانتاج المشترك لإيجاد وظائف" ومساعدة الجزائر على "القيام بتنويع اقتصادي". وهذا أمر ضروري في وقت يعتمد الاقتصاد الجزائري كليا على المحروقات (95% من إيراداته الخارجية) التي تراجع سعرها منذ عام. وتسعى فرنسا إلى استعادة مرتبتها كأول مصدر للجزائر التي خسرتها في 2013 لصالح الصين. وباريس حاليا الشريك الثاني للجزائر مع مبادلات تصل قيمتها إلى 10,5 مليارات يورو في 2014. وتصدر حوالى سبعة آلاف مؤسسة فرنسية بضائع إلى هذا البلد، وتنشط 450 منها فيه كالمجموعات الكبرى على غرار ألستوم ولافارج ودانون ورينو وأيضا شركات صغيرة ومتوسطة. وخلافا لعام 2012، لن يرافق هولاند الاثنين وفد من رجال الأعمال. وسيكون وزير الخارجية لوران فابيوس الوزير الوحيد الحاضر. إضافة إلى حوالى 10 نواب وشخصيات. لكن زيارة الرئيس سبقتها زيارات وزراء فرنسيين ومنتدى اقتصادي فرنسي-جزائري ضم مسؤولين ومقاولين من البلدين في باريس في 11 يونيو.