عثر علماء التاريخ الروس مؤخرا على مخطوطة لكتاب تاريخي موسوعي فريد من نوعه في موضوع تاريخ الحضارة العالمية، لم يطبع في حينه بسبب الهجوم النازي الألماني على الأتحاد السوفيتي. وكان الكتاب قد أعد للطباعة في ماي عام 1941، وكان المجلد الأول منه تحت عنوان "تاريخ الثقافة العالمية " الذي شمل الفترة ما بين الفترة البدائية والعهد الجديد لتطور الحضارة البشرية. لكن هذا المجلد لم يطبع بسبب نشوب الحرب الوطنية العظمى (1941 – 1945) ضد الغزو النازي لأراضي الإتحاد السوفيتي. وكان 17 عالما لامعا يعكفون على إعداد الكتاب للنشر، وهم الجيل الأول للمؤرخين السوفيت الذين تلقوا علومهم على أيدى الأساتذة التابعين لمدرسة ما قبل الثورة في روسيا (عام 1917)، وأودت الحرب فيما بعد بحياة غالبيتهم. واستشهد بعضهم في ميادين المعارك. ولقي بعضهم الآخر مصرعه في مدينة لينينغراد المحاصرة. لذلك لم تتواصل كتابة مجلدات أخرى لهذا العمل التاريخي. وقد تم العثور على مخطوطة الكتاب صدفة حيث احتفظت مساعدة الاستاذ تامارا شيبتونوفا، التي تولت كتابة مقال عن الثقافة الإغريقية، بالمخطوطة رقم 133 من الكتاب والذي احتوى على مقالها هذا. وبعد وفاة شيبونوفا عثر البروفيسور في القسم الدراسي الخاص بتاريخ جنوب آسيا بجامعة موسكو أليكسي فيغاسين على هذه المخطوطة، عندما كان ينظم ما تحتوي عليه مكتبة العالمة الراحلة. وكان يفترض أن يصدر كتاب "الحضارة العالمية" ب 3 مجلدات. وضم الكتاب 870 صفحة و17 صورة، بما فيها 8 صور ملونة. وكان يجب أن يبلغ عدد النسخ للكتاب 100 ألف نسخة. وشاءت الأقدار الشريرة أن يلقى غالبية العلماء المشاركين في كتابة هذا العمل الموسوعي التاريخي مصرعهم، وضمنهم عالم المصريات في جامعة لينينغراد (بطرسبورغ حاليا) نيكولاي شوربو الذي تطوع للخدمة في الجيش السوفيتي واستشهد في معارك عام 1941 ، والبروفيسور في جامعة موسكو، لباحث في التاريخ الصيني غيورغي قره مورزا الذي تعاون مع الاستخبارات السوفيتية وألقى محاضرات أمام ضباط الجبهة الصينية في موضوع التاريخ والثقافة الصينيين، ولقي فيما بعد مصرعه في حادث تحطم الطائرة التي نقلت المتوجهين عام 1945 إلى مراسم تخلي الامبراطور الصيني عن عرشه، والباحث في متحف الأرميتاج المستشرق والمستعرب أندريه بوريسوف مؤلف الكتاب عن تاريخ الفلسفة العربية الذي بقي في لينينغراد المحاصرة ومات هناك عام 1942 من جراء الجوع، وغيرهم من العلماء والباحثين البارزين.