تفتتح اليوم الاثنين في مدينة البليدة التي تبعد 50 كلم عن العاصمة الجزائرية، محاكمة جديدة لرجل الأعمال عبد المومن رفيق خليفة، الموقوف في العاصمة الجزائرية بعدما سلمته لندن في أواخر 2013 وتأتي محاكمة الملياردير الجزائري في وقت تشهد الجزائر فيه منذ أسبوع عمليات كشف غير مسبوقة عن الفساد، في محكمة العاصمة وفي المجلس الشعبي الوطني، تورط فيها وزراء حاليون أو سابقون لم يتعرضوا مع ذلك لأي مضايقة. وقد باشر القضاء في 26 أبريل النظر في ثلاث قضايا مهمة أدت إلى حرمان الخزينة العامة من مليارات الدولارات التي تبددت عمولات ورشى. أين هم رؤساء "العصابة"؟ وتسلط هذه الملفات الضوء على ظاهرة الفساد المتصلة بالمشاريع الكبرى لاسيما البنى التحتية التي أطلقت منذ بداية رئاسة عبد العزيز بوتفليقة، بفضل العائدات النفطية. وقد اضطلع وزير النقل عمار غول الذي لم يحضر إلى المحكمة بسبب الحصانة التي يتمتع بها الوزراء، بدور النجم في المحكمة الجنائية حيث تجرى محاكمة حول الطريق السريع بين الشرق والغرب الذي يطلق عليه الرأي العام تسمية "مشروع العصر". ويتعرض ستة عشر شخصا وسبع شركات أجنبية للملاحقة بتهمة الفساد وتبييض الأموال وتبذير الأموال العامة. ومنهم المستشار شاني مجدوب الذي يحمل جنسية مزدوجة من الجزائر واللوكسمبورغ، وطلبت المحكمة الجمعة إنزال عقوبة السجن به 20 عاما مع النفاذ. وتشمل المحاكمة أيضا شركتي سيتيك سي.ار.سي.سي الصينية وكوجال اليابانية المكلفتين بإنشاء الطريق السريع. وما زال أبرز مشاريع رئاسة بوتفليقة، الذي انطلق في 2006 لمدة أربع سنوات، وخصصت له ميزانية تبلغ ستة مليارات دولار، غير مكتمل وتشوبه عيوب كثيرة. وفاقت تكلفته 11 مليار دولار، كما تفيد التقديرات الرسمية، وبلغت 17 مليارا كما تقول مصادر أخرى. ويسود الاعتقاد أن غول وحده حصل على ربع المبالغ المدفوعة رشى، كما قال المتهم الذي رفض الوزير تأكيداته جملة وتفصيلا في شهادة تليت أمام المحكمة. وقالت صحيفة الوطن السبت أن هذه الشهادة "مثيرة للسخرية". ويشغل غول، العضو في حزب إسلامي، مناصب حكومية منذ 1999، وقد أمضى فترة طويلة في وزارة الأشغال العامة. وورد اسم وزير العدل السابق والخارجية محمد بجاوي في لائحة المستفيدين أيضا من الرشى. وكشفت المحكمة التي ستنتهي الأحد عن دور مديرية الاستخبارات والأمن الواسعة النفوذ، في الكشف عن هذه القضية. وقد أوقفت هذه المديرية التي تتمتع بسلطة الشرطة القضائية والمكلفة التصدي للجرائم الاقتصادية، شاني مجدوب في 2009. واتهم هذا الأخير مديرية الاستخبارات والأمن بأنها أوقفته بطريقة سرية طوال 21 يوما، وأخضعته للتعذيب من أجل انتزاع اعترافات حول دوره بصفته مستشارا لمجموعة سيتيك الصينية لدى السلطات. وأكد الطيب بالعارف، أحد محامي مجدوب "لو حصل فساد في هذا العقد، فقد حصل على مستوى الحكومة، وليس في أي مكان آخر". وفي السادس من حزيران/يونيو، ستبت محكمة الجزائر العاصمة الجزائية، في المحاكمة المتعلقة بمجموعة سوناطراك النفطية وتشمل شركتي سايبم الإيطالية وفانكفرك الألمانية. ومن المتهمين التسعة عشر في هذه القضية، رئيس مجلس الإدارة السابق للمجموعة محمد مزيان واثنان من أبنائه وثمانية من المديرين السابقين. لكن البعض يشكك في نتائج هذه المحاكمات. وتقول صحيفة "لو سوار دالجيري" أنها ليست سوى "حفلة مرافعات" تجرى "لتوجيه الاتهام إلى بعض الشخصيات الثانوية". وتساءلت "الطريق السريع للرشى: إلى أين انتقل كبار لصوص العصابة؟" فضائح بالجملة حتى في مجال الثقافة؟ وبعيدا من المحاكم، يجرى الكشف عن فضائح الفساد أيضا تحت قبة المجلس الشعبي الوطني، حيث اتهم نواب حزب العمل وزيرة الثقافة ناديا العبيدي بتلزيم كل مشاريع القطاع إلى أصدقاء أو إلى شركتها الإنتاجية. وهددت الوزيرة برفع شكوى على النائبة عن حزب العمل لويزة حنون أبرز الذين اتهموها. وتستهدف لويزة حنون أيضا، وزير الصحة عبد المالك بوضياف الذي تتهمه بتلزيم صفقة لاقتناء أجهزة أشعة إلى متعهد يتدخل في الشؤون الأشغال العامة. وهذا المتعهد علي حداد هو رئيس أبرز هيئة لأرباب العمل وواحد من أبرز ممولي حملة بوتفليقة العام الماضي. ووصلت الروائح النتنة لفضيحة أخرى إلى إيطاليا حيث تحوم الشبهات حول شركة أوغوستاوستلاند بأنها دفعت رشى إلى مسؤولين جزائريين لشراء مروحيات.