فجعنا جميعا نهاية الأسبوع الماضي بمقتل العشرات من مشجعي فريق والزمالك بمصر في الأحداث التي سميت بمجزرة استاد الدفاع الجوي، وتحكي الأخبار الواردة من بلد الكنانة حسب الروايات الأمنية أن مواجهات اندلعت بين الأمن وألتراس « وايت نايتس » بعد أن منعت القوات الأمنية عددا كبيرا من الأشخاص من الدخول عنوة إلى استاد الدفاع الجوي بالقاهرة، لمتابعة مباراة الزمالك مع إنبي، كونهم لا يحملون بطاقات للدخول. وفي خضم الازدحام سقط العشرات من الموتى والمصابين. هذه الأحداث الأليمة تعود بنا إلى الخلف لتذكرنا بمجزرة بور سعيد التي وقعت احداثها أثناء مباراة الدوري بين فريق النادي الاهلي والنادي المصري في الاول من فبراير 2012. وقد راح ضحيتها 74 شخصا من شباب الالتراس الاهلاوي واتهم فيها 73 متهماً من بينهم 9 من القيادات الامنية و3 من مسئولي النادي المصري وباقي المتهمين من شباب التراس النادي المصري. أمام هذه الأحداث التي يذهب ضحيتها فلذات الأكباد، يجدر بنا أن نحدد المسؤوليات، ونبحث عن الجناة المباشرين والغير المباشرين، ومن المستفيد من كل هذا؟ رابطات مشجعي الفرق الرياضية والأجهزة الأمنية تتبادل الاتهامات، كل طرف يحمل مسؤولية الأحداث الأليمة التي تقع في ملاعب مصر إلى الآخر، بل وهناك أطرافا أخرى تتهم أجهزة خفية داخل الدولة المصرية بافتعال أزمة الملاعب وإشعال فتيل المدرجات حتى يتم إقرار حالة الاستثناء وحظر دخول الجماهير التي فرضها العسكر سابقا من أجل تجنب كل احتجاج على نظام السيسي. من حق كل نظام إقرار تدابير أمنية وزجرية للمحافظة على الأمن والسكينة العامين، وطبعا سلامة المواطنين هي أولى أولويات حفظ النظام العام. لكن إذا كانت هذه الاجراءات والخطط الأمنية تؤدي إلى ضحايا يفوق عددهم المئات، فهذا يظهر جليا عدم نجاعة هذه التدابير، وفشلها في تحقيق النتائج المرجوة. أكاد أزعم أن ما وقع في أحداث بور سعيد، وملعب الدفاع الجوي هو عقاب شديد لشباب الثورة الذين ظلوا يرددون شعاراتهم أينما حلوا وارتحلوا حتى بعد الثلاثين من يونيو 2013 التي دشنت عهد حكم السيسي، عقاب للذين رددوا شعار « الشعب يريد إعدام المشير »، عقاب للذين لم ينخرطوا في الجوقة المهللة للانقلاب ورأينا مواقفهم البطولية على المباشر في القنوات المصرية وهم يحرجون من كانوا يوما رموز الكرة المصرية ك أحمد شبير مثلا. قد نرى على شاشات الاعلام المزيف صورا لأفراد الألتراسات وهم يحرقون إطارات بلاستيكية أو يقذفون رجال الأمن بزجاجات حارقة، ويبقى هذا أمرا طبيعيا أمام جموح المراهقين وطيشهم في حماسة تشجيع فرقهم ورد فعل مألوف تشهده مختلف ملاعب العالم في أدنى الأرض وأقصاها. لكن، هل هذا مبرر لأجهزة الدولة الأمنية لكي تشحذ سكاكينها وتقتل أبنائها بكل وحشية بذريعة حفظ الأمن؟ غير مقبول إطلاقا ما يقع، أن يدفع بشباب عاصروا الربيع العربي المزهر حطبا لنار موصدة تحرق الأخضر واليابس، وهم أبرياء، لا ذنب لهم إلا أنهم على الفطرة الرافضة للظلم والقمع، أن يفجع أمهاتهم الثكالى في أغلى ما يملكن، إنها محرقة الانقلاب التي تحرق أبناء الثورة والرافضين لحكم العسكر، لا تبقي ولا تذر لسانا يلهج ضد السيسي وضد القمع. أنتم أبرياء يا شباب الألتراس، العالم كله يعزيكم في شهدائكم، فظلوا صامدين حتى ترفعوا رايات النصر.