أكد علية العلاني، الباحث في القضايا الاستراتيجية وأستاذ التاريخ المعاصر بجامعة تونس أن المغرب، الذي أدرك مسبقا أهمية التواجد في العمق الافريقي، يقدم اليوم نموذجا يحتذى في مجال التعاون مع الدول الافريقية. وقال العلاني في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن المملكة كانت سباقة للتوقيع على حضور قوي ومكثف في القارة السمراء مما جعل المغرب يراكم تجربة في هذا المجال من شأنها أن تساعد دولا مغاربية أخرى تطمح لأن تجد لها موطئ قدم اقتصادي وتجاري في إفريقيا. واعتبر أن مستقبل الدول المغاربية موجود في عمقها الافريقي حيث أضحت القارة السمراء محل تسابق وتموقع دولي، مشيرا إلى أن أهمية العمق الاقتصادي والثقافي الافريقي بات يفرض على الدول المغاربية مراجعة الاستراتيجيات التي كانت سائدة في السابق إزاء إفريقيا. وأضاف أن الاتحاد المغاربي في حال تعافيه من ترهله عليه المراهنة ككتلة اقليمية قوامها أزيد من 100 مليون نسمة على الانخراط في استثمارات ومشاريع اقتصادية داخل افريقيا كما يقوم المغرب بذلك منذ زمن. وبخصوص الأوضاع داخل المنطقة المغاربية، اعتبر الباحث في القضايا الاستراتيجية والحركات الاسلامية أن المنطقة تمر بتحولات كبرى خاصة بعد الربيع العربي حيث وقعت تطورات هامة ومتسارعة أدت إلى تغيرات على مستوى العلاقات الدولية. وشدد الباحث التونسي على أن "كلفة عدم الاندماج المغاربي" كانت مرتفعة إذ أدت شعوب المنطقة الثمن غاليا بسبب مشاكل قديمة وجمود مؤسسات الاتحاد المغاربي ولكن اليوم تنضاف إلى ذلك التحديات الأمنية وخطر الارهاب الذي بات يهدد المنطقة ، وبالتالي لم يعد من خيار أمام الدول المغاربية سوى تكثيف الجهود لمواجهة الأخطار المحدقة لاسيما وأن الأوضاع في ليبيا باتت تبعث على قلق كبير. وأكد العلاني أن مكافحة الارهاب أصبحت أولوية مستعجلة، مشيرا إلى أن ذلك لن يتحقق بشكل فردي وإنما بمجهود جماعي وهو ما يحتم تقليص منسوب التوترات وتجاوز الخلافات القديمة. واعتبر أيضا أن الاتحاد المغاربي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتفعيل الاتفاقيات سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو إلى غير ذلك فلا يمكن، برأيه، أن تتحقق التنمية و الازدهار الاقتصادي من دون استقرار سياسي. وفي هذا السياق، توقع الخبير في القضايا الاستراتيجية أن التحولات في ليبيا والتداعيات التي يمكن أن يحدثها الوضع الأمني في هذا البلد ستدفع البلدان المغاربية إلى التفكير في صيغ للقواسم المشتركة وتأجيل النقاط الخلافية لمناسبات أخرى. وبخصوص العلاقات الثنائية بين تونس والمغرب، اعتبر العلاني أنها تاريخية وعريقة وما فتئت تتطور مع مرور الوقت بنفس الزخم والأهمية، مبرزا أن "الزيارة التي قام بها مؤخرا جلالة الملك محمد السادس إلى تونس تركت انطباعا جيدا لدى التونسيين لاسيما وأن جلالته مدد فترة إقامته في هذا البلد ونزل إلى الأسواق والشوارع ليختلط بعموم الناس وليلتقطوا صورا تذكارية مع جلالته". وخلص إلى أن العلاقات بين الرباطوتونس ستأخذ في القادم من الأيام مسارا أكثر تطورا وازدهارا.