خلال 30 عاماً أو نحو ذلك من العمل في شركة هيكلر اوند كوخ، صمم صانع الأسلحة الألماني الشهير ايرنست ماوخ، بعضاً من أشد الأسلحة فتكاً، منها السلاح الذي قُتل به اسامة بن لادن. وقيل عن ماوخ إنه المعادل لنجوم موسيقى الروك ولكن في صناعة الأسلحة. وكان ماوخ طيلة هذه السنين حبيب دعاة حمل السلاح في الولاياتالمتحدة وبطلهم. لكنهم انقلبوا عليه الآن، الى حد اتهامه بالخيانة، لأنه صمم سلاحًا ذكيًا أراد به أن يخفف من تأنيب الضمير، الذي لاحقه طيلة حياته المهنية. فهو يعرف أن اطفالاً قتلوا بعضهم البعض بأسلحته وأن جرائم ارتكبت بها. وقال ماوخ البالغ من العمر 58 عامًا، إنه يشعر بالألم لأن أسلحته "ازهقت أرواح اشخاص لم يخطر ببالهم ذات يوم أنهم سيُقتلون بمسدس. فأنت لديك عائلة لطيفة في البيت ثم تُقتل، انه جنون". راحة الضمير وكان حل ماوخ لعذاب الضمير هذا، تصميم مسدس ذكي لا يطلق النار إلا إذا كان صاحبه يرتدي ساعة خاصة ترتبط لاسلكيًا بالسلاح. وراهن ماوخ رواج سلاحه الذكي في السوق الأميركية التي تبيع سنويًا اسلحة شخصية بمليارات الدولارات. احتجاجات ولكن بدلاً من الإعتراف بمجهوده، نظم دعاة حمل السلاح احتجاجات غاضبة ضد متاجر في ولايتي ماريلاند وكاليفورنيا، حاولت بيع المسدس الجديد خوفاً من أن تصبح تكنولوجيته الزامية. وبعد ما كانت صناعة السلاح تنظر الى ماوخ باعجاب كبير بوصفه العقل الذي يطلع لها بابتكارات جديدة بين حين وآخر، أصبحت تتعامل معه اليوم بعين الريبة. نسخة من ستيف جوبزونقلت صحيفة واشنطن بوست عن المستشار المختص بصناعة السلاح جيم شاتس أن ماوخ الذي عمل معه في شركة واحدة، "لا يدرك أن مناهضي حمل السلاح سوف يستخدمون تكنولوجيته للاعتداء على حق دستوري في حمل السلاح". واشار شاتس إلى أن الدستور الالماني لا يتضمن مادة تكفل حق المواطن في الاحتفاظ بسلاح شخصي، كما في الولاياتالمتحدة. ويدرك ماوخ أن كثيرين في صناعة السلاح يكرهون ما يفعله، ولكنه يعتبر نفسه نسخة من ستيف جوبز رئيس أبل التنفيذي ومؤسسها الراحل، شخص لديه الخبرة والمعرفة والعناد. ويؤكد ماوخ أنه لن يهادن ولن يساوم على نقل "الأسلحة الغبية"، كما يسميها، الى عصر التكنولوجيا الرقمية. واوضح ماوخ أن مسدسه الذكي هو بداية جيل جديد من الأسلحة يقنع الناس بأن من الجنون حيازة سلاح أعمى. وقال "إن أي شخص يستطيع اليوم أن يصنع مسدسًا أو بندقية، ولكن إذا كانت هناك امكانية لتصنيع سلاح أمين فلا بد من تصنيعه". حادثة وصمم ماوخ بنادق وقاذفات صاروخية ومسدسات كانت جيوش في انحاء العالم تتسابق على شرائها، بما فيها البندقية التي تستخدمها القوات الخاصة للبحرية الاميركية والتي قُتل بها بن لادن عام 2011 في باكستان. ولكنه ذات يوم في التسعينات أُخضع للاستجواب طيلة اربع ساعات بعد أن قتل فتى صديقه بطريق الخطأ حين كان يعبث بمسدس من تصميم ماوخ. وحين عاد ماوخ الى بيته قال لزوجته إنه لن ينسى ابدًا هذه الساعات الأربع. وخاصة اسئلة المحققين عن السبب في أن الفتى لم يكن يعرف أن المسدس محشو وأن هناك رصاصة في احدى حجراته. لذا قرر ماوخ تصميم مسدس ذكي يحل هذه المسائل. تحقيق الحلم وفي عام 2006 انضم ماوخ الى شركة ارماتيكس حيث واصل ابحاثه لتطوير المسدس الذكي iP1 عيار 22 وانتاجه خصيصًا للسوق الاميركية، حيث تعاظم الاهتمام بهذه التكنولوجيا في السنوات الأخيرة. واستعان ماوخ بمهندسين وحدادين وبعلاقاته في صناعة السلاح لتحقيق حلمه في تصميم مسدس ذكي لا يقتل بطريق الخطأ. وقال ماوخ "كنتُ أُريد التأكد من أن المسدسات الذكية هي الجيل القادم من السلاح".