بالإضافة إلى نفي البلدين إشاعة خلاف دبلوماسي بين الملك محمد السادس والمنصف المرزوقي خلال لقاء القمة بينهما، وتمديد فترة إقامة الملك في تونس، فإن انتشار صور الملك وهو يتجول وسط أهم شوارع العاصمة التونسية يؤكد استطابت الملك للإقامة بتونس، وحرص الملك على دعم تونس لأن تداول صوره مع المواطنين التونسيين وسط شوارع العاصمة وبدون برتوكول حراسة أمنية يفيد باجتياز تونس لمرحلة الفوضى والارتباك. وهو ما يشجع المستثمرين والسياح والمؤسسات المانحة للاستثمار في تونس من مدخل الاستقرار السياسي والأمنية التي باتت تنعم به. وبالتالي فإن هذه الإشاعة لا تعدو أن تكون تشويشا إعلاميا مضادا لأطراف تتوجس خيفة من التحرك الملكي الأخير على المستوى الإقليمي افريقيا ومغاربيا. وهو بذلك تفسر حجم الضغط الدبلوماسي الملكي على الجزائر التي تصر على فرملة التقارب المغاربي عبر تعطيل انعقاد القمة المغاربية والتسريع بتجديد هياكل الإتحاد المغاربي. لذلك، فمن المستبعد جدا أن يحصل خلاف دبلوماسي كبير بين قائدين توافرت لهما الكثير من القنوات الدبلوماسية للتثبت من التشاور بشأن رؤيتهما السياسية بخصوص القضايا الإقليمية والدولية. ذلك أن المباحثات المباشرة لا تخوض في مواقف البلدين بخصوص قضايا سياسية "مزمنة" ك(قضية الصحراء) لأن المواقف بشأنها تكون مشكلة سابقا. بل إنها تبحث في مستجدات طارئة ك(التطورات الميدانية في ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء). وحتى وإن حصل خلاف بالفعل فإنه بالمطلق لا يكون حول ملف مزمن سياسيا ك"نزاع الصحراء"، لأن المرزوقي قد سبق له أن زار المغرب ولم يثر عنه موقف من قضية الصحراء. كما أن تصريف موقف دبلوماسي جديد يجد له الكثير من القنوات ولا يمكن الاحتفاظ به لإثارته خلال تتويج مسار من التعاون بين البلدين أفرز التوقيع على 23 اتفاقية تسهم في استقرار تونس في مرحلتها الانتقالية. إن المؤكد، هو أن الصراع الإقليمي بين المغرب والجزائر سيستمر في تصاعد شديد، بعد تخطيط الدبلوماسية الملكية للتوجه نحو الخارج من تداعيات ذلك بروز هكذا إشاعات تفسد على التحرك الملكي نجاح تطوير الدور المغربي في العلاقات الدولية. أما تغييب قضية الصحراء ومقترح الحكم الذاتي في الخطاب الملكي أمام المجلس التأسيسي التونسي، فإنه لم يكن بداعي موقف تونسي من نزاع الصحراء، بدليل اتخاذها الحياد من نزاع الصحراء، والمغرب تاريخيا يتفهم هذا الموقف ويؤمن بأن المشترك الاستراتيجي بين البلدين من الناحية السياسية والاقتصادية هو بناء الإتحاد المغاربي. ولذلك أخلص الخطاب الملكي للقضية المغاربية دون غيرها. ولعل ذلك ما دفع المنصف المرزوقي قبل سنتين للقيام بجولة مغاربية يحشد فيها لقمة مغاربية كانت مقررة في أكتوبر من سنة 2012 بتونس، إلا أنها لم تنعقد بسبب رفض الجزائر لفقرة من البيان الختام تتضمن توصية بفتح الحدود فيما بين الدول المغاربية.
المصدر: عبد الفتاح الفاتحي -خبير في شؤون الصحراء والقضايا المغاربية-