دلالة مفهوم العذرية في المجتمع المغربي تعتبر عذرية أو بكارة المرأة عند المغاربة مقياسا معياريا لإصدار أحكام قيمة مرتبطة بالطهارة والعفة والشرف. فالنظر إلى الأمور في سطحيتها، وفق نظرة ذكورية محافظة، هو ما جعل فهم العفة والطهارة والشرف مختزلا بالنسبة للمرأة في البكارة. ذلك أن حفاظها على العذرية صار مطلبا موروثا ثقافيا واجتماعيا، فأخذت المواضيع المتعلقة بالطهارة الأنثوية موقعا حاسما في تقييم المرأة والتفاوض على عقود الزواج. ما هو غشاء البكارة؟ غشاء البكارة جمع بصيغة المفرد فهو ليس واحدا وإنما عدة أنواع. النوع الشائع يوجد عند حوالي 75% من الفتيات. وهو غشاء رقيق غير مطاطي يسد مدخل المهبل، وفي منتصفه فتحة دائرية صغيرة يمر منها الحيض. وهي فتحة ضيقة تسمح بمرور طرف الأصبع. وهذا الغشاء حين يتمزق (لأسباب مختلفة منها الاتصال الجنسي مع الرجل) تسقط منه بعض قطرات دم وقد يجعل الفتات تشعر بألم خفيف أو لا تشعر بأي ألم. أما بقية البنات(25% تقريبا) فلديهن أغشية بكارة مختلفة لا يسيل منها عند الاتصال الجنسي قطرة دم واحدة. أحد أنواع هذه الأغشية هو من النوع المطاطي الذي يسمح بمرور عضو الرجل دون ألم ودون دم. وهناك الغشاء ذو الفتحة المتعرجة حيت لا تكون الفتحة دائرية و منتظمة وإنما متعرجة وبالتالي يصبح محيطها أكثر اتساعا من الفتحة الدائرية بحيث يحدث الاتصال الجنسي دون تمزق، خاصة إذا كان عضو الرجل التناسلي أصغر قليلا من المعتاد. و هناك أيضا الغشاء ذو الفتحات الصغيرة المتعددة (كالغربال) الذي يتمزق بسهولة بدون ألم ولا دم. و من المعروف طبيا أن نسبة قليلة من البنات يولدن بدون غشاء على الإطلاق. كما أنه في بعض الحالات، الناذرة أيضا، تولد الفتاة بغشاء سميك مسدود يستدعي الجراحة عند الطبيب ليخرج منه دم الحيض. و من الناحية الطبية فإن غشاء البكارة ليس له أهمية فسيوليجية أوبيولوجية، كما تؤكد ذلك الباحثة (د.نوال السعداوي) ما الذي يدفع المغاربة إلى ربط مفهوم العذرية بهاته المفاهيم (العفة والطهارة و الشرف)؟ بالرجوع إلى البنية الذهنية التي أنتجت عقلية تبجيل بالبكارة. يتبين على أن سن الزواج سابقا هو السبب الرئيسي في بقاء ثقافة حفاظ المرأة على عذريتها حاضرا بقوة، إذ أن سن الزواج سابقا بالنسبة للرجل هو 15/16 سنة و هو سن النضج البيولوجي. و بالنسبة المرأة سن الزواج كان هو 11/12 سنة وهو سن النضج البيولوجي لها أيضا، و كانت العائلة الممتدة محددة مصيرهم آنذاك. ونتج عن المتغيرات التي شهدها المغرب، والمصاحبة لانتقاله من مجتمع زراعي تقليدي إلى مجتمع يشق طريقه نحو الحداثة و العصرنة، وارتفاع مستوى الوعي و تغير الظروف الاقتصادية المتحكمة في بناء شروط الأسرة، حدوث تغير مصاحب في سن الزواج ، الذي تأخر.هكذا بينما أكدت الدراسات التي همت المجتمع المغربي أن متوسط سن الزواج بالنسبة المرأة هو 28 سنة و الرجل 34 سنة، ظلت البنية الذهنية مرتبطة بتمثل للبكارة أنتجه سياق آخر وشروط أخرى، رغم تغير الواقع المغربي . فما رأي الزملاء؟ تغير الوقائع يتطلب زمن أقصر بكثير من تغير العقليات، فهل شهد المغرب، وخصوصا طلبة السوسيولوجيا حاليا، تغيرا فكريا بعد تطرقهم للضجة الإعلامية في هذا الموضوع؟ بعد استطلاعي لأراء بعض طلبة علم الاجتماع، عبر مقابلة شملت عينة من خمسين طالبا، ينتمون لجامعة محمد الخامس بالرباط (25 طالبة و25 طالب). يمكن تقديم خلاصة هذا الاستمزاج في أوساط طلبة علم الاجتماع بهذه الجامعة في الخلاصات التركيبية التالية: تنقسم عقليات أو فاعلية المرأة في هذا الموضوع إلى ثلاث: 1. المرأة (المتحررة) التي لا يهمها المحافظة على عذريتها. 12.5% بحجة أن المرأة لها الحرية كاملة في حفاظها على عذريتها، أم عدم الحفاظ عليها. 2. المرأة المحافظة التي تقاوم للمحافظة على عذريتها. 87.5%يصنفن إلى ثلاثة أصناف 33.33% يربطن مفهوم العذرية بالشرف وقيمة المرأة. 47.6 %يخفن من نظرة المجتمع. 19 %هن من ينظرن إلى أن حفاظ المرأة على عذريتها هي مسألة أخلاق. 3. المرأة التي تنزلق في مشاكل اجتماعية في حالة فقدانها للعذرية وغالبا ما يلجأن إلى النفاق الاجتماعي (البكارة الإصطناعية). أما بالنسبة للرجل 25 %يعتبرون أنه ليس من الضرورة حفاظ المرأة على عذريتها، في حين أن 75% يوجبون ضرورة حفاظها على البكارة، البعض منهم يربط مفهوم العذرية بالقيمة و الشرف، والبعض الأخر يعتبر العذرية صورة و تمثال لرجولة الرجل. إن الضجة الإعلامية لم تنتج نقدا فكري في هذا الموضوع، بل ينتظر هؤلاء الطلبة، المعنيين بالموضوع إنسانيا ومعرفيا، مرور الموجة الإعلامية بدون أي تأثر أو تفاعل معها. على الرغم من أن الفئة المستهدفة هي فئة طلبة علم الاجتماع، إذ يفترض في دارسي هذا العلم أو الباحثين فيه أن يتوفروا على آليات النقد و التمحيص والتفاعل مع القضايا المجتمعية، فما بالك الإنسان العادي.