أكد مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن التقرير الذي أصدرته أمس الاثنين منظمة هيومن رايتس ووتش، والذي تتهم فيه القوات المغربية بالاعتداء على المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، “غير منصف بشكل واضح وصريح”، ويغفل بشكل كبير سياسة الهجرة الجديدة التي اعتمدها المغرب. وشدد السيد الخلفي الذي استضافته قناة (بي بي سي) اليوم أن التقرير لا يتضمن أي إشادة بالسياسة التي اعتمدها المغرب، رغم أنها تعد سابقة على مستوى القارة الافريقية، بالنظر لكونه البلد الوحيد الذي أعلن عن سياسة هجرة إنسانية واجتماعية يتحمل فيها المسؤولية، وتولي الاعتبار للمهاجرين، رغم أن قضية الهجرة هي قضية الجميع وليست قضية المغرب بمفرده. ولاحظ أن السياسة الجديدة حول الهجرة التي أعلنها المغرب، تجعل بعض المزاعم والقضايا التي أثارتها منظمة هيومن رايتس ووتش “متجاوزة”، معتبرا أنه في حالة وقوع أي حالة عنف، تقدم شكايات إلى السلطات القضائية ويفتح فيها القضاء تحقيقات، بما فيها حالات الوفيات التي تقع في إطار عملية التسلل إلى مدينة مليلية المحتلة. وبعد أن استعرض مضامين قانون الهجرة وأعداد المهاجرين غير الشرعيين في المغرب، التي تتراوح ما بين 25 و40 ألف حسب وزارة الداخلية، أكد أنه في أقل من شهر تم استقبال حوالي 10 آلاف ملف لتسوية أوضاع المهاجرين، كما تم منح مهلة من سنة كاملة من أجل التسوية الاستثنائية، علاوة على دراسة 586 من الحالات التي قدمت في إطار ملفات طلبات اللجوء. وأشار إلى أن المغرب اعتمد سياسة إنسانية تقوم على الوقف الكلي لعمليات الترحيل عبر الحدود مع الجزائر، بتنسيق وشراكة مع المنظمة العالمية للهجرة وتنظيم عمليات العودة الطوعية، مضيفا أن أزيد من 14 ألف مهاجر غير شرعي استفادوا من ظروف إنسانية كاملة، باعتماد سياسة تقربهم من مؤسسات الرعاية الاجتماعية في مدن داخل المغرب. هذا وكانت هيومن رايتس ووتش قد أكدت في تقرير أصدرته الاثنين أن قوات الأمن المغربية تقوم بضرب وانتهاك، وأحيانًا سرقة المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء في منطقة الشمال الشرقي في المغرب. استمرت هذه الانتهاكات رغم بعض التحسن الحاصل في معاملة المهاجرين منذ أن أعلنت الحكومة في سبتمبر 2013 عن سياسة جديدة في مجال الهجرة واللجوء. ويبدو أن ترحيل المهاجرين بشكل جماعي نحو الحدود مع الجزائر قد توقف منذ ذلك التاريخ. وخلُص التقرير الذي امتد على 79 صفحة، وعنوانه "انتهاك الحقوق والطرد: معاملة الشرطة السيئة للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في المغرب"، إلى أن هذه الانتهاكات تقع عندما تقوم قوات الأمن باحتجاز المهاجرين الذين فشلوا في الوصول إلى مليلية، أوعند إلقاء القبض عليهم، قبل سبتمبر/أيلول 2013، دون احترام سلامة الإجراءات وطردهم إلى الجزائر. إلا إن البحث الذي أجري أواخر يناير وبداية فبراير/شباط 2014 في وجدةوالناظور والرباط يشير إلى أن قوات الأمن مازالت تستخدم العنف ضدّ المهاجرين المطرودين من مليلية. كما خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن قوات الأمن الإسبانية تستخدم أيضًا القوة المفرطة عند طرد المهاجرين بشكل جماعي من مليلية. ويتعين على إسبانيا الكف عن إعادة المهاجرين بشكل جماعي إلى المغرب في الحدود مع مليلية، وتعليق إعادة المهاجرين بطريقة قسرية إلى المغرب إلى أن يبرهن المغرب على أن المهاجرين لا يواجهون خطر التعرض للضرب أو غيره من الانتهاكات عند إعادتهم، وأن تُحترم حقوقهم. تقوم سياسة الهجرة واللجوء الجديدة في المغرب على توصيات صادرة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي أقرّها الملك محمد السادس. وتشمل الإصلاحات منح الإقامة القانونية للمهاجرين الذين صنفتهم المفوضية السامية للاجئين كلاجئين. وبعد أن تتم معالجة وضعياتهم لدى مكتب اللاجئين والأشخاص عديمي الجنسية، الذي تمت إعادة تشغيله حديثا، يحصل اللاجئون على بطاقات لجوء تمنحهم حق العمل والتمتع ببعض الخدمات الاجتماعية. كما اتخذ المغرب إجراء تسوية "استثنائية" لسنة 2014 تسمح للمهاجرين غير الشرعيين والذين تتوفر فيهم بعض الشروط بتقديم طلب للحصول على إقامة مدتها سنة واحدة قابلة للتجديد. ولكن يبقى من غير الممكن تحديد نسبة المهاجرين الذين يستجيبون للمعايير المحددة من أصل 25 ألف مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء في المغرب. ولكن استطلاعا غير رسمي أبرز أن العديد من المهاجرين الذين يعيشون في مخيمات مؤقتة في الناظورووجدة تتوفر فيهم الشروط اللازمة. واعتمد تقرير هيومن رايتس ووتش على مقابلات أجريت مع 67 مهاجرا من أفريقيا جنوب الصحراء داخل وقرب مدينتي وجدةوالناظور في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2013. كما أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع مسؤولين، ومؤسسات دولية، ومنظمات غير حكومية، وضمنت في التقرير ردود الحكومة على أسئلتها الكتابية. وفي يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2014، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 14 مهاجرًا آخرين في الناظور، ووجدة، والرباط.