في العالم اليوم أضحى الكل يخطب وُدَّ ليلى ويجر بساط المرأة ليتكلم باسمها مدعياً إنصافها وإعطاءها ما لم يعطها أحد من قبل، حتى أضحت المرأة وحرية المرأة وعملها ومظلوميتها وحقوقها ورقة رابحة يلعب بها السياسيون وذوو الأغراض، والمرأة تميل في ذهول وعدم وعي، فتجدها في كل واد تهيم، وفي بحور الناعقين تتخبط، لم تجد من بين هؤلاء من ينير لها الطريق بصراحة ووعي وبصيرة، الكل يظهر لها الجانب المشرق ويتماشى مع رغباتها ليصل إلى مبتغاه، بعد أن أصبحت قضية المرأة ومتبنيها علامة على الانفتاح والديمقراطية والتحضر، وأصبحت المرأة سلعة تروَّج ودمية في يد الرجل يعبث بها، مهما ألبسها هو أو غيره من أثواب الحرية والانحلال. وأصبحت كذالك قضية رابحة في مجال السياسة وواجهة مغرية للاستقطاب. ولا يفتأ السياسيون والمنظمات المهتمة بشأن المرأة في اتهام الإسلام والحركات الإسلامية بظلم المرأة وسلبها كرامتها، وإن برزوا للردِّ والدفاع تراهم غارقين في بحور غيرهم، يتكلمون باحتشام عن الغيب والآخرة، ما من خطاب واضح صريح يخاطب المرأة بدءاً من قضيتها الوجودية الكبرى، إلى كونها إنسانة مأمورة لها كرامة وحرية وعليها واجبات. نقف في الفكر المنهاجي للإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى ليس في معرض حديثه عن المرأة، فهو لا يخصص لها فقرة أو فصلا فقط، أو ملفاً يبدي فيه رأيه وينصرف، بل المرأة عنده جزء من مشروع كبير لا ينتهي، وفاعلة كبيرة لها دورها بجانب الرجل والمجتمع لا ينقص ولا يزيد، لذا تجد لها الحيز المحترم في كل جزئية من المشروع المنهاجي التغييري التجديدي. الهوية إن كنا سنبني فلا بد أن نبني على وضوح، وأن يمتاز خطابنا بالصراحة والواقعية، وألا نغفل عن جوهر الأمر وأساسه، أو نتجنب الحديث عن الغيبيات والآخرة والمصير الحق، وما هو مخاطب به الإنسان ذكراً وأنثى على السواء. "لعلَّ بعضنا قبل أن ينبري للردِّ والدِّفاع وقبل أن يدخل إلى قاعة الجدل، يخلع عنه ثوب إيمانه بالله واليوم الآخر ليتكلم عن "المرأة في الإسلام" بمقدمات منهجية مادية وبوسائل منهجية ليس فيها رائحة الإيمان بالله وباليوم الآخر. فإن كان بعضنا يفعل ذالك تنزلا ليدحض حجة عقلية قانونية بمثلها متجنباً "الغيبيات" التي يخشى أن يمسكه منها الآخر فهي هزيمة وتضييع للدعوة. وإن كان يفعل ذالك لغفلة قلبية وسطحية في الدِّين أو رقة فهي كارثة" [1]. المرأة عديلة الرجل وشقيقته، وهو ذكرها وهي أنثاه، وهما في الخطاب واحد، يستمعان وينصتان ويبادران ويطبقان وينجزان ويتنافسان ويتسابقان ويسارعان إلى مرضاة الله تعالى، وأحياناً يتدافعان ويتواجهان في صراع الحق مع الباطل. قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذكَرٍ أوْ أنثَى وَهُوَ مُومِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمُ أجْرَهُم بِأحْسن الذِي كَانُوا يَعْمَلون [2]. "إنَّ المرآة كالرجل مناديان في القرآن على السواء للعمل الصالح والجزاء الوِفاق في الدنيا والآخرة" [3]. "وواجبنا إن كنا نومن بالله عز وجل وبمصيرنا إليه أن نبتدئ نحن بإخبار المسلمات والمسلمين بما أنزل رب العالمين. وإن كان في إيماننا باليوم الآخر منزع لتشكيك المشككين فما نحن بمومنين" [4]. المرأة مخاطبة كالرجل ومعه في المنهاج النبوي، ودورنا أن نعلمها بذالك ونحييها على ذالك حتى تتربى عليه، لسنا في سوق المجاملات لنبيح لها الزنى والتعري ونرخص لها في الإجهاض والمخالطة وتعدد العشاق لنكسبها إلى صفنا، ماذا تنفع وهي هكذا خراب، وأعظم منه خراباً أننا طمسنا عنها الحقيقة وغيبنا عنها نداء الله الفطري حتى تعرف هويتها وتسعى لآخرتها. "لقد خاطب الله جلت عظمته المومنات بمعنى وجودهن في الدنيا، وبمعنى الدنيا، وبمصير الآخرة، حين أمر رسوله بتبليغ هذا البيان لنسائه بالأصالة ولنساء العالمين بالمثال فقال:" يَأيُّهَا النَّبِيءُ قل لِّأزْوَاجِكَ إنْ كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتهَا فتَعَاليْنَ أمَتِّعْكُنَّ وَأسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً. وَإن كُنتُنَّ تَرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فإِنَّ اللهَ أعَدَّ لِلمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أجْراً عَظِيماً "." "بهذا البيان يجب أن نخاطب المرأة، ولا نترك أهل العقلانية والمادية والوجودية والتحررية يُملون علينا أسلوب الدعوة" [5]. المرأة والحرية بين يدي كتاب لقاسم أمين بعنوان "المرأة الجديدة" وفي مقدمته ترى إعجاب الرجل وانبهاره بالمرآة الأوربية حيث خطَّ قائلا: "المرأة الجديدة هي ثمرة من ثمرات التمدن الحديث، بدأ ظهورها في الغرب على أثر الاكتشافات العلمية التي خلصت العقل الإنساني من سلطة الأوهام والظنون والخرافات وسلمته قيادة نفسه ورسمت له الطريق التي يجب أن يسلكها" [6]. ووفق منهجه الذي اعتمده أن يبدأ من التاريخ، تجد الرجل يبحث في الفصل الثاني "المرأة عبر التاريخ" فيبدأ وينتهي ولم ينطق ببنت شفة عن المرأة قبل الإسلام وفي الإسلام وعن تكريم الإسلام للمرأة وكيف خلَّص الإسلام ورسول الإسلام ونهجه الحكيم المرأة من العادات والتقاليد الجاهلية والأعراف السائدة، خلا أسطر وشح بهما كتابه تكلم عن تكريم الإسلام للمرأة في فصل آخر. الحرية: وهل خلق الله الإنسان إلا حراً أنثى كان أو ذكر؟ لما يتحدث الإمام المجدد رحمه الله تعالى عن تحرير المرأة ومأساتها يربطها بأسبابها فيحدثنا قائلا: "الحديث عن تحرير المرأة وإنصافها، وعن تاريخ بلائها دون ربط ذالك بالسياق التاريخي السياسي الاقتصادي الفقهي الاجتماعي فصل اعتباطي لم لا ينفصل" [7] ويقول رحمه الله تعالى: "لم تنحطَّ المرأة وحدها، بل انحطَّت بانحطاط المجتمع، وانحطَّ المجتمع بانحطاط الحكم وانتقاض عروته، وانحبس الفقه، وسد باب الاجتهاد، ودارت الفتوى في حلقة ضيقة مقلدة رابط في أركانها المركنة جهابذة العلماء للحفاظ على سائر عرى الإسلام أن تنتقض، ولصيانة الحياة في دائرة الشرع. وغفا العقل المسلم الذي كان ذات يوم رائداً في مجالات العلوم الكونية كما كان سابقاً في فقه الشرع غفوته التي توشك أن تعقبها صحوة شاملة ونهضة عاملة وحرية حقيقية كاملة للمسلمة والمسلم" [8]. عندما ينفلت العقد تتساقط اللئالئ منه وتتبعثر وتضيع معها معاني العقد الجميل. الحرية مطلب إنساني بما تضمنه ويضمنه النداء الرباني للرجل والمرأة من معاني الحرية، لا كما يسرب الأدعياء ويقزم المنحلُّون ليعرُّوا جسم المرأة ويفضحوا عورتها ويكشفوا سوأتها ويتاجروا بأنوثتها باسم حرية المرأة وتفتحها، وعندما تبلى وتكثر تجاعيد وجهها ترمى عظمة تداس بعد أن أنهكتها اللوازم الاستهلاكية والضروريات اليومية لتبقيها دائما في عالم المادة عصرية وتحضرية. وما لهذا خلقت المرأة وما هذه هي الحرية المنشودة. "كان آخر ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل موته وصيته" "النساء وما ملكت أيمانكم" " وإن دلَّ ذالك على شيء فإنما يدل على عنايته صلى الله عليه وسلم الكبيرة بالمستضعفين النموذجيَّيْنِ: المملوك والمرأة" [9]. ويقول رحمه الله تعالى: "يجب إعادة حق المرأة المغصوب كما حده شرع الله وحمايتُها من العدوان، ومن جملة العدوان وأشنعه العدوان على كرامتها باسم الحرية. يجب أن تحرر المرأة من العجز والتبعية الاقتصادية فيعطاها حق النفقة زوجة وأماً، ويعطاها حق المتاع مطلقة، وأجرةٌ كريمة عاملة، وأن تهيأ لها ظروف الاستقرار في بيتها، لأن عليه يتوقف استقرار المجتمع والدولة" [10]. المرأة في البيت والعمل لا غنى للمرأة ولا للرجل كانا من كانا عن بيت يكتنفهما ويشعران فيه بالدفئ وطمأنينة الأسرة وتدفق معاني الأبوة والأمومة من خلاله. وأي إخراج للمرأة عن هذا السياق فهو تجريد كاذب عن فطرتها أو مجاملة سطحية سمجة لإرضاء نفسها التائهة لاكتساب صوتها، ومن واجب المرأة أن تعرف دورها وأصلها وفصلها حتى لا تذوب في دروب الحياة العصرية لتنسى آخرتها ودنياها. نتحدث عن المرأة فلا بد أن نسمعها من المنهاج النبوي الحق الحصيف، يقول رحمه الله: "التزويج سنة، لا قرار للمرأة ولا للرجل ولا سكن إلا بائتلاف بعضهما ببعض، والمرأة خاصة مهما انغمست في المتاع أو اتخذت أداة في سوق الأنوثة لا تفتأ تهفو نفسها لبيت وزوج وأطفال. ومهما بلغت من نجاح في المجتمع وشهرة فأنوثتها في الحياة لا تكتمل ولا تكسب في نظر نفسها احتراماً إلا إن جاء خاطب محبٌّ يُبَرهِنُ لها أنها شخص عزيز كريم" [11]. يبتدئ بناء الأمة من بناء الفرد في الأسرة، وخراب الأمة يأتي من غثائية أفراد مجتمعها، والأسرة مطالبة بإعداد النشء وتربيته والمحافظة على فطرته، وإلا وقع المحظور وأنتجنا جيلا بلا رعاية ولا أهداف ولا حصيلة في أرض الواقع، جيل غثائي. "يحدث هذا الانتكاس إذا أنجب الآباء والأمهات ذرية غثائية كثيرة العدد قليلة الغناء" [12]. في زحمة من الشعارات والإشهارات، الكل يدعو ليلى للخروج من ضيق الجدران وروتين الأسرة إلى عالم فسيح لتتمتع ولتحقق ذاتها. عن أي ذات يتحدثون إن كنا أولا وآخراً سوف تطمر ذواتنا تحت التراب ذكراناً وإناثاً؟ عن أي ذات يتحدثون ونحن نرى أن المرأة حققت كل شيء إلا ذاتها، وأنها في مسرح الدنيا أرضت الجميع إلا ربها، الكل قد حظي بنظرة أو لمسة او إغراء، إلا هي لم تحظ لنفسها في عاجلها وآجلها بشيء؟ هذا ما يريدون! وتكثر أصواتهم حينما يجدون الفرصة السانحة ليملؤوا بها ملفاتهم ويجدوا لشعاراتهم فرصة للبروز على أثر قضية فلانة أو عِلانة. أما المرأة كفاعلة وكمربية ومؤسسة لأمة وأجيال فالجميع أصبحن ينسلخن من هذه المهمة العظيمة. "فإن كمال المرأة الوظيفي وكمال الرجل، أبوين مسؤولين، وهو غاية ما يراد منهما تحقيقه حفظاً لفطرة الله، ونشراً لرسالة الله، وخدمة لأمة رسول الله، ما يرفع المرأة إلى القداسة إلا أمومتها، وما يرفع الرجل إلا أبوته، يذكر حقهما بعد حق الله مباشرة في قوله تعالى:" وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاه وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً "." "وما من أمومة تستحق اسمها وتنال من الله عز وجل ثوابها إن كان العمل فاسداً، إن أنجبت غثاء كغثاء السيل، إن أساءت تنشئة نسلها، وأهملته، وأسلمته إلى غيرها من وَسَط منحل، وإعلام مفسد، وشارع سائب، ورفقة مضلَّة" [13]. يحكم أدعياء التحرير عن المرأة والإسلام جراء قراءة سطحية عن واقع مفتون، ثم يسقطون الحكم على الإسلام، ويرحلون غرباً فلا يدرسون الواقع بل يتلقفون النماذج المبهرة ويضربون بها المثل للمفتونات في واقعنا، فتنبهر الشابة والمرأة بعديلتها الغربية، بتحررها وعدم تقيدها بشيء وكثرة ارتباطاتها وعملها. في الإسلام أكرم المرأة بنتاً وزوجة وأماً ووالدة وكفل لها الرعاية والنفقة والحظوة، تارة من طرف الأب والإخوة، وتارة من طرف الزوج وتارة من طرف الأبناء. "صيانة أخرى ورعاية إضافية تحنو على المسلمة لتتفرغ من أعباء الكسب خارج بيتها وتوظف في سعادة ساكنيه البشر والعطاء والرحمة. ذلك ما ندب إليه الشارع وأكَّد عليه" [14]. ومع هذا فإن عمل المرأة بما يناسب فطرتها وأنوثتها ووضعها ليس بالأمر المشين، فهي الطبيبة والمربية والمعلمة والراعية والمهتمة والمراقبة، بل إن سيدنا عمر بن الخطاب عيَّن صحابة كي تكون مراقبة على حركة السوق وعلى التجار لكفاءتها في ذاك المجال. ولكن المشين المعيب في واقعنا وتحت وطأة الفسدة المستبدين، أن تُدفع المرأة دفعاً للكسب خارج البيت ابتغاء لقمة العيش تحت أوضاع من العمل مزرية، وجراء حصيلة لا تسمن ولا تغني من جوع، وأعمال لا تليق بكرامة المرأة ووضعها، وتخرج الشابة المفتونة إلى هذا العالم بهذيانه لتلبي رغبات الموضة والهوس لتستهلك المرأة في غير ما خلقت له. "للمرأة مكانها تحت دولة القرآن في وظائف التعليم بمراحله لبنات جنسها، والتطبيب لهنَّ وسائر الأنشطة الاجتماعية، وغيرها مما لا يتنافى مع الحشمة والأخلاق والعفة والتقوى" [15]. ولها في الجهاد نصيب تشارك المرأة المؤمنة الرجل في البناء والتأسيس بدءاً من نفسها والترقي بها عبر درجات الإسلام والإيمان والإحسان واستكمال شعب الإيمان، حتى تحظى برضى ربها والفوز بالسعادة الأبدية. "أطلب إلى المؤمنات الناظرات في هذا الكتاب أن يحفظن حديث جبريل الذي بين فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة مراتب الدين إسلاماً، وإيماناً، فإحساناً إنْ لاَ تفهم المؤمنات دينهنَّ على أنه مدارج ومعارج للترقي في درجات الآخرة والقرب من الربِّ الرحيم سبحانه، بطل أمر الله تعالى لإمائه وعباده في قوله: {سَابِقُوا} وقوله:{سَارِعُوا} ووصفه للآخرة أنها درجات يفضُل بعضها بعضاً، وتُستحق بالعمل الصالح والنية الخالصة والإرادة السامية" [16]. من الجهاد اقتحام العقبات واجتيازها مصداقاً لقوله تعالى: فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ وَمَا أدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ [17]. كان أول من أسلم خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، آوت ونصرت ودعت وواست وصبرت حتى انتقلت إلى ربها راضية مرضية، وأول من استشهد في الإسلام سمية أم عمار بن ياسر رضي الله عنها، واجهت صولة الكفر وجهل أبي جهل وأسلمت النفس إلى باريها رافضة الكفر متمسكة بدينها. وصنائع المؤمنات في حقل الدعوة قديماً وحديثاً أكثر من أن تحصى، وأخبار أم عمارة يوم أحد مما أشاد به النبي صلى الله عليه وسلم. أما عن الوافدات على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمبايعته في العقبة الأولى وما سمي ببيعة النساء وما بايعت به النساء يوم الفتح فذكرهنَّ الله في كتابه فقال: يَأيُّهَا النَّبِيءُ إِذا جَاءَكَ المُومِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلى ألاَّ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أوْلاَدَهُنَّ وَلا يَاتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أيْدِيهِنَّ وَأرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ، إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [18]. وإنَّ المومنة لتأخذ بيدها وفي قلبها همَّ الدعوة إلى الله لجهاد، وعزمها على سلك مسلك التربية والتزكية لجهاد، ومُضيَّها لتوعية هذا النشئ من الأمة وتكوينه وتوعيته في المحاضن والمجالس لجهاد، ولمواجهة الفساد ومجابهة المفسدين لجهاد. وفي المنهاج النبوي تجد المرأة نفسها تعطي عطاءها لا ينقص من قدرها ولا تمس كرامتها، فهي تسمع ويسمع منها، وتتعلم ويتعلم منها، ولها قدرها ومكانتها، و"أمك ثم أمك ثم أمك" إعلام وإشعار بهذا القدر وهذا الدور الكبير لها. فكر المرشد المنهاجي أن يبني الرجل والمرأة على السواء، فلا غرو إن وجدنا في مدرسته المنهاجية رحمه الله تعالى رجالا ونساء صادقين فاعلين منتجين منافحين وإلى الله داعين. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.